قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

إعفاء اللحية وقص الشارب. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

إعفاء اللحية وقص الشارب

إنه من المستقر في الشرع وجوب إعفاء اللحية بدلالة الفطرة وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأمره صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية ، والأصل في الأمر أنه للوجوب ، والأمر بمخالفة المشركين من المجوس وغيرهم ، والأصل في النهي أنه للتحريم ، وأنه يحرم على المسلم التعرض للحيته بحلق أو قص أو نتف لمخالفته الدلائل المذكورة ، وأدلة هذا الحكم كما يأتي :
أما دلالة الفطرة : فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية والسواك... » الحديث . صحيح مسلم الطهارة (261) ، سنن الترمذي الأدب (2757) ، سنن النسائي الزينة (5040) ، سنن أبي داود الطهارة (53)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (293) ، مسند أحمد (6/137).

وأما سنة النبي صلى الله عليه وسلم: فقد ثبت من صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه    « كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية » سنن النسائي الزينة (5232)، وفي لفظ : « كثير شعر اللحية » صحيح مسلم الفضائل (2344). وكانت قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية يعرفها من خلفه باضطراب لحيته ، كما في ( صحيح البخاري ) وغيره من حديث أبي معمر رضي الله عنه .
وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم : فقد كثرت السنن الصحيحة بذلك صريحة في الأمر بها، ففي (الصحيحين ) وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى » صحيح البخاري اللباس (5893) ، صحيح مسلم الطهارة (259) ، سنن الترمذي الأدب (2764) ، سنن النسائي الزينة (5046) ، سنن أبي داود الترجل (4199) ، مسند أحمد (2/156).
هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم : « أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى » صحيح البخاري اللباس (5893) ، صحيح مسلم الطهارة (259) ، سنن الترمذي الأدب (2763) ، سنن النسائي الزينة (5226) ، سنن أبي داود الترجل (4199) ، مسند أحمد (2/16) ، موطأ مالك كتاب الشعر (1764).
وفي ( الصحيحين ) أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس » صحيح البخاري اللباس (5892) ، صحيح مسلم الطهارة (259) ، سنن الترمذي الأدب (2764) ، سنن النسائي الزينة (5046) ، سنن أبي داود الترجل (4199) ، مسند أحمد (2/156).
والإعفاء والتوفير والإرخاء : ترك اللحية وعدم الأخذ منها ولو طالت وهذا ما يدل عليه الوضع اللغوي لهذه الألفاظ .
لهذا فيجب على كل مسلم إعفاء لحيته ؛ إبقاء للفطرة ، وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في فعله ، وامتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم بإعفائها ومعلوم أن الأمر يقتضي الوجوب حتى يوجد صارف لذلك عن أصله " ولا نعلم ما يصرفه عن ذلك .
وأنه لا يجوز لمسلم التعرض للحية بحلق أو قص أو نتف ، فإن ذلك حرام على المسلم فعله؛ لمخالفته الدلائل المذكورة ، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهة المشركين من المجوس وغيرهم .
وبناء على ما ذكر فإن القول بجواز قص ما زاد على القبضة قول معارض لهذه الأدلة الجلية من السنة النبوية ، والله سبحانه وتعالى يقول : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } سورة الحشر الآية 7 ، وقوله عز شأنه : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } سورة الأحزاب الآية 21 ، ويقول عز من قائل :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } سورة الأحزاب الآية 36 .
فالواجب على المسلم طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وترك الالتفات إلى ما يخالف الأدلة الشرعية ، فإن الواجب هو اتباع المعصوم صلى الله عليه وسلم كما أن ما ذهب إليه المؤلف من كراهة الصبغ بالسواد قول مخالف للصواب ؛ لأن الأدلة من السنة صحيحة صريحة في النهي عنه.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ