قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

ربَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة - الشيخ محمد العقيل

قال الشيخ الدكتور محمد بن عبد الوهاب العقيل - حفظه الله تعالى - :
وقلنا عندنا وقفات -حفظكم الله- عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ربَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة)، للعلماء -حفظكم الله- في تفسير هذه الجملة خمسة اقوال، للعلماء -رحمهم الل-ه في تفسير هذه الجملة: (ربَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة) خمسة أقوال:
أولها حفظكم الله: أنها كاسية في الدنيا بالثياب لكنها لم تعمل عملا صالحا تُثاب عليه يوم القيامة فهي عارية من الثواب يوم القيامة، كاسية في الدنيا بالثياب عارية يوم القيامة من الثواب. هذا اولها.
الثاني -حفظكم الله- أنها كاسية في الدنيا لكن هذا اللباس الذي تلبسه يعني يزيدها عُريًا والعياذ بالله، كأن تلبس ثيابا شفافة، وجاء في وصف هذا النوع من النساء في الحديث الاخر لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كاسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) والعياذ بالله، فهن كاسيات في الدنيا لكن هذا اللِّباس الذي يلبسنه لا يسترهن ولذلك فهن عاصيات لله عز وجل معاقبات يوم القيامة هذا هو القول الثاني حفظكم الله.
أما القول الثالث فهي أنها كاسيات من نعم الله -عز وجل- في الدنيا متنعمة مترفة في الدنيا لكنها والعياذ بالله لم تؤدِّي شكر هذه النعم التي انعم الله عز وجل عليها، فتُفضح يوم القيامة بدخولها في النار، كاسية بالنعم لكنها عارية من الشكر فتفضح يوم القيامة بدخول النار. هذا حفظكم الله القول الثالث.
أما الرابع فهو مثل القول الثاني؛ أنها كاسية لكن لباسها هذا يفصل جسدها، الاول تلبس لباسا شفافا أما هنا تلبس لباسا ضيقا، بأن تشدَّ لباسها على جسدها حتى تكون كأنها عارية والعياذ بالله وهذه وإن كانت كاسية فإنها والعياذ بالله تعاقب معاقبة العارية يوم القيامة.
وخامس هذه الاقوال؛ أنها كاسية في الدنيا بنسبتها للرجال الصالحين أو الأزواج الصالحين لكنها عارية من العمل الصالح الذي ينفعها يوم القيامة؛ (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) [المؤمنون: 101]، وقال الله عز وجل: (ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)
. فنسبتة هاتين المرأتين إلى هذين النبيين لم تنفعهما يوم القيامة ولا حول ولا قوة الا بالله.
ولنا -حفظكم الله- يعني بعض التعليق نرجو به من بناتنا وأخواتنا أن يصغين السمع، فإن الأصل في اللباس -حفظكم الله- أن يستر الجسد، الأصل في اللباس أن يستر الجسد، فإذا كان اللباس يخرج مفاتن الجسد فهذا هو العري -نسال الله العافية- الذي يعني حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورب هنا ذكر العلماء أنها في موضع للتكثير، وقد تأتي للتقليل لكنها هنا للتكثير ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (تصدقن فإنكن أكثر أهل النار). قيل: (بما يا رسول الله). قال: (بكفرهن)، قيل: (أويكفرن بالله؟). قال: (لا، يكفرن العشير). فالنساء في الحقيقة بحاجة ماسة ولا سيما نساء المسلمين بحاجة ماسة لمراجعة قضية اللباس، سواء اللباس المتعلق بأطفال المسلمين من البنات أو سواء اللباس المتعلق بشابات المسلمين أو اللباس المتعلق بكهلات "ويعني" شيخات المسلمين. المسلمة في الحقيقة "يعني" في أمسِ الحاجة لمراجعة والولي -حفظكم الله- مسؤول عن لبس ابنته ولبس أخته ولبس زوجته يوم القيامة، (كلكم راع وكلككم مسؤول عن رعيته)، فالأب راع ومسؤول عن رعيته، قضية اللباس فيها خلل خطير جدا ولذلك تتلف قدميك في المناسبات وفي الأعياد للبحث عن لباس يجمع بين الأصالة والستر والحياء والإبتكار والجمال، ما تكاد تجد إلا أن يشاء الله عز وجل، ما تكاد تجد، وهذه بلية "يعني" عظمى ابتلي بها المسلمون.
والنساء يقلن نحن نلبس هذا اللباس الذي يبدي بعض العورات أمام النساء وعورة المرأة من السرة إلى الركبة؛ يمكن أن يُجاب على هذه الشبهة بدليل -حفظكم الله- يليق بها مثلها، ما هو بعيد عنها . خرج يوم من الأيام وقد لبس لباسًا "يعني" يستر ما بين سرته وركبته وقال سأذهب إلى المسجد بهذا اللباس. أوليس اللباس الساتر؟ أوليست عورة الرجل من السرة الى الركبة ؟ هذه عورة الرجل أمام الرجل من السرة إلى الركبة. هل ترضى المرأة ان يخرج اِبنها أو أن يخرج أخوها أو يخرج زوجها وقد لبس يعني إزارا إلى ركبته، من سرَّته إلى ركبته؟ تقوم الدنيا ولا تقعد ترفض المراة أن يخرج زوجها بهذا الشكل من اللباس سواء إلى المسجد أو إلى المدرسة أو إلى السوق، وتستنكر هذا تريد منه أن يلبس لباسًا "يعني" فضفاضًا ساترًا، يُبدي هيبته ورجولته وفضله ومكانته. والرجل يريد من زوجته وابنته كذلك أن تلبس لباسا يبدي هيبتها ويبرز شخصيتها الإسلامية، يبرز أنها منتسبة إلى بلد إسلامي، إلى بلد الحرمين الشريفين، يبرز أنها صانعة رجال؛ أمٌ نريد من أبناءنا أن يفخروا بأمهاتهم، لا نريد أن نربي عقدا في قلوب أبناءنا، نكلِّمه عن الستر والحياء فإذا جاء البيت فإذا أمه أو أخته -لا حول ولا قوة الا بالله- قد لبست لباسًا شفافًا أو لبست لباسًا ضيِّقًا أو لبست لباسًا ممزقًا.
اللباس الممزق الآن يعني موضة من الموضات، تلبس المرأة لباسًا ممزقًا ما يكاد يستر "يعني" شيئا من جسدها. ممزق من اليمين وممزق من اليسار وممزق من الشرق ووالله لو كان هذا من السُنَّة لذهب النساء يبحثن عن حيلة وعن فتوى يفتيهن. عيب والله نخرج بلباس ممزق، إيش يقولون عنا نساء الغرب؟ إيش يقول عنَّا نساء الشرق؟
لو قلنا السُنَّة أن تخرج المرأة بلباس ممزق من الشمال أو ممزق من الجنوب أو ممزق من الشرق أو ممزق من الغرب لبحث نساءنا عن فتوى وربما استفتين علماء من خارج البلاد "يعني" يوجبون الستر على أقدام النساء أو أيديهن أو صدرونهن أو أعناقهن ولكن لا حول ولا قوة الا بالله. لما كان هذا امر مستورد من الغرب يعني اعتاده النَّاس ولا نكير ولا حول ولا قوة الا بالله.
وهذذه قضية نرجعها إلى عدة امور؛ يعني التجار يتحملون وزرا من هذه القضية، أولياء الامور يتحملون ورزا من هذا، كيف ترضى وأنت ولي أمر اِبنتك أو زوجتك أن تخرج اِبنتك أو زوجتك؟
بعض النساء يعمدن الى حيلـة؛ عندها ثوبان ثوب تضعه في شنطة وثوب تلبسه أمام زوجها، وهذه خيانة عظمى ولا حول ولا قوة الا بالله.
فهذه الأحاديث حفظكم الله "يعني" أحاديث وأمثالها كثير لا تخفاكم "يعني" يتوجَّب على الرجل المسلم أن يعتني عناية فائقة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما تركت فتنة بعدي اضر على الرجال من النساء). نعم، النساء في ديننا مكرَّمات مصونات. المرأة أمي وأختي وابنتي وقريبتي، المرأة جارتي والمرأة قريبتي، والمرأة بيني وبينها، يعني أنا خرجت من المرأة ، أحترمها لأنها أمي وأحترمها لأنها اِبنتي ولأنها أختي ولأنها زوجتي، لكن لا بدَّ من أن "يعني" أن ألحظ هذا الملحظ الخطير جدا وهو قضية اللباس وهذا لا بد من العناية به من الصغر -معاشر الاحبة-.
لا بدَّ أن تربِّي بنياتك اللي عمرها سنة وسنتين أن تلبس ثوبًا طويلاً، لأنك إن ربيتها على الثوب القصير من عمر سنة سنتين ثلاث أربع خمسة إلى أن يصل عمرها عشر سنوات تعتاد المرأة على هذا اللباس، كيف خمسة عشر سنة الآن وهي تلبس ثوبا ما يكاد يستر عورتها المغلظة، كيف تريدها أن تلبس ثوبا كاملا يسترها، ولذلك الحقيقة يجب علينا أن نراجع أنفسنا ولا سيما نحن أهل هذه البلاد المباركة ولا سيما المسلم الملتزم فإن الملتزم قدوة والناس ينظرون إليه، إلى حال أهله وإلى حال بيته وإلى حاله في المناسبات، فإن كان على خير أثنى الناس عليه خيرا واتَّبعوه، وإن كان على غير ذلك ولا حول ولا قوة الا بالله أثنى الناس عليه شرا وطعنوا فيه وفي أهله.
وهذه قضية خطيرة جدا إذاً، هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر نساءه أن يُصلين ويحذِّرهن من مخالفة طريقته -صلى الله عليه وسلم-، ويحذِّرهن من الاِتكال على النسبة إليه -صلى الله عليه وسلم- ويُبيِّن أن المرأة ما ينفعها إلا عملها يوم القيامة.
(ربَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة) فقضية لباس المرأة -معاشر الأحبة- يعني قضية خطيرة جدا، يعني لولا خشية الإطالة لتكلمنا عن هذا بكلام كثير.
"يعني" بالنسبة لوضع المرأة في الاسلام، لكن نكتفي -إن شاء الله- بهذا، فأوصيكم -حفظكم الله- العناية بأبناءكم، ببناتكم وأخواتكم وزوجاتكم، وأوصي أخواتي المسلمات أن يتقين الله عز وجل وأن يفرحن بهذه النعمة وأن يتمثلن نساء الأنصار -رضي الله عنهن وأرضاهن- حيث عمدن لما نزلت آية الحجاب، عمدن إلى ثياب سود فاختمرن بها -رضي الله عنهن وأرضاهن-.
والمرأة إذا صلحت "يعني" تصل إلى منازل عظمى، فالنساء شقائق الرجال، وكلُّنا يذكر ذاك الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في كتابه: 'التوحيد' لما جاء جبريل إلى النبِّي -صلى الله عليه وسلم- وقال: {هذه خديجة قد أتتك ومعها طعام فأبلغها السلام من الله ومني}، جبريل -عليه الصلاة والسلام- ينقل سلام الله عز وجل بلا واسطة إلى خديجة -رضي الله عنها وأرضاها-، "فابلغها السلام من الله ومنِّي" وبشرها ببيت في الجنَّة من قصب لا نصب فيه ولا وصب، هذا الشرف العظيم -معاشر الأحبة- بلغته هذه المرأة بإيمانها وسترها وحياءها وعفتها وتجريدها المتابعة للنبِّي -صلى الله عليه وسلم- صدّقته -صلى الله عليه وسلم- لما كذّبه الناس ونصرته -صلى الله عليه وسلم- لما خذله الناس وأعانته -صلى الله عليه وسلم- بنفسها وبجاهها وبمالها ولذلك "يعني" حصل لها هذا الشرف العظيم، "فأبلغها السلام من الله ومني"، الله -عز وجل- من على عرشه من فوق سبع سموات يرسل أمين وحيِه جبريل -عليه الصلاة والسلام- إلى هذه المرأة المباركة ليقول لها الله يسلم عليك، شوف هذا الشرف -معاشر الأحبة-، الإسلام -ولله الحمد والمنة- أعز المرأة، وشرَّف المرأة، فهذا الحديث -حفظكم الله- يعني من أعظم البراهين أن المرأة إذا أطاعت ربها وحفظت فرجها وصلت فرضها وأطاعت زوجها أن الله -عز وجل- يُبدلها ويدخلها من أي أبواب الجنة شاءت.
الحديث الحقيقة طويل جدا ونساءنا في الحقيقة بحاجة إلى جلسة "يعني" من زوج عاقل يقرأ عليها مكانة المرأة في الإسلام وفضل المرأة في الإسلام وواجب المرأة في الإسلام وأن المسلمين ما ضعفوا ولا ذلوا ولا هانوا إلَّا أان كثيرا من النساء تركن واجب التربية وتركن صناعة الرجال، فضعف الرجال لأن المصانع ضعفت.
ولذلك النبِّي -صلى الله عليه وسلم- هدانا إلى أن نتزوج ذات الدِّين؛ قال: (تُنكح المرأة لمالها ولجمالها ولحسبها فاظفر بذات الدِّين تربت يداك)، اظفر بذات الدِّين لأن ذات الدِّين -حفظكم الله- "يعني" تصنع لك رجالاً "يعني" يبرونك ويحفظونك ويدعونك وينفعونك في حياتك وفي برزخك وبعد موتك، اظفر بذات الدِّين تربت يداك.
حقيقة أنا أدعو إخواني إلى العناية بهذه المسألة فإن دعاة الباطل لهم نشاط كبير جداً ولا سيما في هذه الأيام بإفساد نساء المسلمين، لأنهم حسدونا على عفة نساءنا وعلى شرف نساءنا وعلى طهارة نساءنا وعلى فضل نساءنا، حسدونا، ابن كثير -رحمه الله- يقول: {قبل بعثة النبِّي -صلى الله عليه وسلم- وصلت الحال في بعض البلاد كفارس إلى أن الرجل لا يعرف أباه ولا يعرف اِبنه}.
الرجل -شوف أمور الجاهلية- لا يعرف أباه ولا يعرف اِبنه من الفوضى، وهذا هو الذي حدث الآن، الآن يحدث في هذه الدول الغربية، حيث ضاعت أنسابهم وأعراضهم فحسدونا وبدؤوا الآن -نسال الله العافية- يزيِّنون للنساء المسلمات التفلت من هذا الشرف، حتى -نسال الله العافية- يلحق نساءنا -وحشاهن باذن الله-.
نسال الله -عز وجل- أن يحفظهن من بين أيديهن ومن خلفهن وعن أيمانهن وشماءلهن ومن فوقهن ونعوذ بعزتك أن يغتلن من تحتهن ونحن معهن يا أرحم الراحمين.
أقول: هذا المقطع يجب على طالب العلم أن يجلس جلسة متأنية -معاشر الأحبة- مع زوجته، مع أخواته، مع بناته ويصارحهن ويبيِّن كم رفع الإسلام النساء، وكم أعز النساء وماذا يريد الإسلام من النساء، الإسلام يريد من النساء أن يصنعن رجال لا يصنعن ثيابًا أو يصنعن أحذية أو يكنسن الشوارع، لا، هذه الأمور خدم لهن في هذه القضية. نريد منهن أن يصنعن رجال وإذا صنعن رجال الرجال يخدمونهن، وكما قال النبِّي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، قال: (اِلزم قدميها فثمَّ الجنة)، الزم قدميها فثم الجنة.
اِصنعي رجلا يلزم قدميك ويصنع لك الثياب ويجاهد في سبيل الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب العلم ويدعو لك وأنت في قبرك. لكن الآن للأسف الشديد قصَّرنا في تعليم النساء وقصَّر النساء في تعليم الرجال.
إذاً لا بد من وقفة -حفظكم الله- صادقة مع الأخوات والبنات والجلوس معهن الساعة والساعتين، نقرأ معهن حقوقهن في الإسلام، وحق الإسلام عليهن، حق الزوج عليها وحقها على الزوج. دراسة متانية متبصرة بعيدة عن الصراخ والسُباب والشتام كما أمر الله -عز وجل- وكما أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّـهُ) [البقرة: 228]، والقضية تطول -حفظكم الله- وفتنة النساء فتنة عظيمة نسال الله -عز وجل- أن يحفظ نساء المسلمين.