قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

الآداب الشرعية في العشر الأٌول من شهر الله المحرم"ذي الحجة"

*الإفادة إلى تحقيق أفضل العبادة:
إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته .
-فأفضل العبادات في وقت الجهاد , الجهاد وإن آل الى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض في حالة الأمن , والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا القيام بحقه والاشتغال به عن الورد المستحب وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل ,والأفضل في أوقات السحر الاشتغال بالصلاة والقرآن والدعاء والذكر والاستغفار ,والأفضل في وقت استرشاد الطالب وتعليم الجاهل الإقبال على تعليمه والاشتغال به .والأفضل في أوقات الآذان ترك ماهو فيه من ورده والاشتغال بإجابة المؤذن ,والأفضل في أوقات الصلوات الخمس الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه والمبادرة إليها في أول الوقت والخروج الى الجامع وإن بعد كان أفضل , والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج الى المساعدة بالجاه أو البدن أو المال الاشتغال بمساعدته وإغاثة لهفته وإيثار ذلك على أوراد ك وخلوتك والأفضل في وقت قراءة القرآن جمعية القلب و الهمة على تدبره وتفهمه حتى كأن الله تعالى يخاطبك به فتجمع قلبك على فهمه وتدبره والعزم على تنفيذ أوامره من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك , والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المُضعف عن ذلك والأفضل في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من التعبد لاسيما التكبير والتهليل والتحميد فهو أفضل من الجهاد غير المتعين ,...
فالأفضل في كل حال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه.
*وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيد فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقص وترك عبادته فهو يعبد الله على وجه واحد وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت فمدار تعبده عليها فهو لايزال منتقلا في منازل العبودية كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره.."من مدارج السالكين للإمام ابن قيم الجوزية 1/85 "أهل مقام <إياك نعبد>في أفضل العبادة وأنفعها وأحقها بالايثار والتخصيص .

الفصل الأول / فضائلها في القرآن والسنة:
*إقسام الله عزوجل بالأيام العشر تعطيما لفضلها سورة الفجر 1/2.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 2/155:"والليالي العشر : المراد بها عشر ذي الحجة ,كما قاله ابن عباس وابن الزبير وغير واحد من السلف والخلف"اهـ.
*الأيام العشر من ذي الحجة أفضل أيام الدنيا :
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"أفضل أيام الدنيا العشر يعني عشر ذي الحجة قيل : ولامثلهن في سبيل الله قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عُفر وجهه بالتراب " رواه البزار وحسن اسناده المنذري صحيح الترغيب والترهيب رقم :1150.
-قال المناوي في فيض القدير 2/66:"(أفضل أيام الدنيا )خرج به أيام الآخرة فأفضلها يوم المزيد يوم يتجلى الله لأهل الجنة فيرونه .(أيام العشر )أي عشر ذي الحجة لاجتماع أمهات العبادة فيه وهي الأيام التي أقسم بها الله بها في التنزيل بقوله <والفجر وليال عشر>"اهـ.
*العمل الصالح في أيام العشر أحب الى الله وأعظمه أجرا :
-عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" مامن أيام أعظم عند الله ولا أحب الى الله العمل فيهن من أيام العشر " رواه الطبراني في الكبير وجود إسناده المنذري وانظر صحيح الترغيب والترهيب رقم 1248.
*العمل الصالح مضاعف الأجر في أيام العشر محقق لتزكية القلوب :
العمل الصالح في العشر أفضل من ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله :
-عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" مامن أيام العمل الصالح فيها أحب الى الله عزوجل من هذه الأيام يعني العشر قالوا : يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " أخرجه البخاري 2/382-383-فتح.وكذا أبو داود 2438والترمذي 1248.
-قال العلامة ابن رجب في "لطائف المعارف" 1/289:"وقد دل هذا الحديث على أن العمل في أيامه –يعني أيام العشر –أحب الى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها وإذا كان أحب الى الله فهو أفضل عنده....وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب الى الله من العمل في غيره من أيام السنة كلها صار العمل فيه وإن كان مفضولا أفضل من العمل في غيره وان كان فاضلا ولهذا قالوا : يارسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد ...وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره "اهـ.
*فقه في الحكمة من تفضي هذه الأيام العشر وتعظيم العمل الصالح فيها ومضاعفته :
-قال الحافظ في الفتح 2/460:"والذي يظهر أن السبب في امتياز ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره " اهـ.

فضل يوم عرفة :
*إقسام الله عزوجل بيوم عرفة دلالة على شرف اليوم:
· قال الله عزوجل :<واليوم الموعود وشاهد ومشهود >البروج2/3.
· عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"اليوم الموعود :يوم القيامة والشاهد : يوم الجمعة والمشهود : يوم عرفة ويوم الجمعة ويوم الجمعة :ذخره الله لنا وصلاة الوسطى : صلاة العصر "رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 8200وصح مرفوعا من حديث أبي هريرة :صحيح الجامع رقم 8201وانظر تفسير ابن كثير 7/155سورة الفجر.
*أخذ الله الميثاق من ذرية آدم على توحيده عزوجل :
· عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان –يعني بعرفة-وأخرج من صلبه ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال :<ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنُا عن هذا غافلين > الأعراف 172.رواه أحمد وهو في صحيح الجامع رقم 1701.
*الدعاء يوم عرفة حريٌ بالإجابة :
· عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "خير الدعاء دعاء يوم عرفة "رواه الترمذي وانظر صحيح الترغيب والترهيب رقم 1536
*يوم عرفة أكثر عتقا للعباد فيه من النار:
· عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"مامن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو يتجلى ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء "رواه مسلم وانظر الصحيحة رقم 2551
· قال العلامة ابن باز رحمه الله في التحقيق ص 50:"هذا يوم عظيم ومجمع كبير يجود الله فيه على عباده ويباهي بهم ملائكته ويكثر فيه العتق من النار ,وما يرى الشيطان في يوم هو أدحر وأصغر ولا أحقر منه في يوم عرفة إلا مارؤي يوم بدر ,وذلك من جود الله على عباده وإحسانه إليهم وكثر إعتاقه ومغفرته "وذكر حديث مسلم اهـ.
*دنو الله عزوجل من حجاج البيت ومباهاته بهم الملائكة :
· عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول "إن الله عزوجل يباهي ملائكته عشية يوم عرفة بأهل عرفة فيقول أنظروا إلى عبادي شعثا غبرا "رواه أحمد وغيره وأنظر صحيح الترغيب والترهيب رقم 1153.
· وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل من الأنصار الى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن الحاج ماله إذا وقف بعرفات فقال :"إذا وقف بعرفات فإن الله عزوجل ينزل للسماء الدنيا فيقول انظروا عبادي شعثا غبرا اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم وان كانت عدد قطر السماء ورمل عالج "رواه البزار والطبراني وابن حبان في صحيحه وانظر صحيح الترغيب و الترهيب رقم 1155

الفصل الثاني :الآداب الشرعية في العشر الأُول من ذي الحجة :
*الأدب الأول: إحصاء الأشهر الهجرية والعناية بها:
-إحصاء الأشهر الهجرية والعناية بها في التأريخ والمستقبل لأنها الأشهر التي ارتضاها الله عزوجل بعباده كما قال تعالى :<إنَ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدّين القيّم فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم >التوبة 36 .
-تفسير <فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم >قال ابن كثير في تفسيره 4/148:"<فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم>"أي في هذه الأشهر المحرمة ,لأنه آكد وأبلغ في الإثم من غيرها,كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ,لقوله تعالى :<ومن يرد فيه بإلحاد نذقه من عذاب أليم >الحج25,وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام ....."اهـ
-وقّت الله عزوجل ورسوله أعظم الطاعات والقربات والأعياد والمسرات بإحصاء هذه الأشهر كالصوم والحج والزكاة والعيدين دلالة على شرفها وعظم قدرها كما أن إعراض الأمة عنها تعلما وتأريخا وعناية دلالة استبدالها الأدنى بالذي هو خير فاستبدل الله عزها ذلا وقوتها ضعفا واجتماعها تفرقا
-عن عقبة بن عامر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب "صحيح أبو داود 2419.
*الأدب الثاني : الذكر عند رؤية الهلال :
-عن طلحة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال " اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله " السلسلة الصحيحة 8857.(ويستقبل بذلك القبلة وليس الهلال فلتنتبه أيها اللبيب).
*الأدب الثالث: الاستكثار من الأعمال الصالحة ونوافل الطاعات :
-عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مامن أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله عزوجل من هذه الأيام –يعني أيام العشر-قالوا : يارسول الله ,ولا الجهاد في سبيل الله قال:ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء "رواه البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأنظر صحيح الترغيب والترهيب 1248.
-عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مامن عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل :ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء .فقال :فكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى مايكاد يقدر عليه "رواه البيهقي وانظر صحيح الترغيب والترهيب رقم 1248.
-قال العلامة ابن باز في التعليق على رياض الصالحين 3/313:"فهذا يدل على فضل هذه الأيام وأنها أيام عظيمة ,يشرع للمؤمن الإكثار فيها من أعمال الخير من صدقات وصوم وتسبيح وتهليل وتحميد وتكبير وعيادة مريض وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر إلى غير ذلك من وجوه الخير "اهـ.
قاعدة:
إذا كان المؤمن مشروعا له الإكثار من الأعمال الصالحات فحري به أن يتخير من شعب الإيمان ماهو أنفع لقلبه وأطوع لنفسه وأرضى لربه "أنظر مدارج السالكين لابن القيم ,فصل أهل مقام إياك نعبد فهي أفضل العبادة.
*الأدب الرابع :
-ـأولا : صيــــام الأيام التسعة من ذي الحجة بمافيها عرفة والإفطار يوم النحر:
-صوم تسع ذي الحجة عموما: عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر .(وفي رواية :وخميسين)رواه أبوداود والنسائي وأنظر صحيح سنن أبي داود 2129.
-إشكال وجوابه :
-عن عائشة قالت :"مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط "أخرجه مسلم
1-قال النووي في شرح مسلم 1/212:"قال العلماء هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة قالوا وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة بل هي مستحبة استحبابا شديدا لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة...فيتأول قولها :لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائما فيه ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر".اهـ
خـــــــــلاصة الجواب: عدم العلم لايستلزم العلم بالعدم والمثبت مقدم على المنفي.
2-قال الحافظ في الفتح 2/460:"ولا يرد على ذلك (أي صيام التسع)مارواه مسلم وغيره عن عائشة قالت:"مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط",لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كمار واه الإمام مسلم من حديث عائشة أيضا "اهـ .
-عن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك العمل وهو يحب أن يفعله خشية أن يستن به فيفرض عليهم " رواه مسلم 718
قـــــاعدة:
نص العلامة ابن القيم أن محاسبة النفس قبل العمل تقتضي محاسبتها على العمل ,وهو فعله أفضل من تركه ".إغاثة اللهفان ص81.
فالقاعدة :إذا كان الصوم يضيع واجبا أو مستحبا أو يستجلب مفسدة وضررا فالمشروع تركه والاشتغال بغيره من الصالحات.
الدلــــــــيل:
-عن أنس رضي الله عنه قال :كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال فنزلنا منزلا في يوم حار أكثرنا ظلا صاحب الكساء فمنا من يتقي الشمس بيده قال فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال صلى الله عليه وسلم "ذهب اليوم المفطرون بالأجر ".رواه مسلم وأنظر صحيح الترغيب والترهيب 1061
ثانيا:صوم يوم عرفة لغير الحاج :
-عن أبي قتادة رضي الله عنه قال :سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ قال :"يكفر السنة الماضية والباقية"رواه مسلم 1162.
-أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :"نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة "فلا يصح .ضعيف الجامع الصغير 6069.
-لكن السنة النبوية العملية تشهد أن الفطر يوم عرفة للحاج هو الأفضل.
قال ابن القيم في الزاد2/73(وقد كر لفطره بعرفة عدة حكم :منها أنه أقوى على الدعاء ومنها:أن الفطر في السفر أفضل في فرض الصيام فكيف بنفله,قال عبد الله بن أحمد في مسائله :سألت أبي عن الرجل يصوم تطوعا في السفر فهل يأثم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصوم في السفر "متفق عليه فقال إن صام في سفر صوم فريضة أجزأه ولا يعجبني أن يصوم تطوعا ولا فريضة في سفر ,وكان شيخنا –شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-يقول :الحكمة فيه أنه عيد لأهل عرفة فلا يستحب صومه لهم ,قال والدليل الحديث الذي في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :"يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام "قال شيخنا: وإنما يكون يوم عرفة عيدا في حق أهل عرفة لاجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر فكان هو العيد في حقهم ومعلوم :أن كونه عيدا هو لأهل ذلك الجمع لاجتماعهم والله أعلم"اهـ بتصرف .
ثالثا:الفطر يوم الأضحى والنهي عن صومه واستحباب الفطر على الأضحية:
-النهي عن صومه : عن أبي عبيد مولى ابن زاهر قال : "شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها يوم فطركم من صيامكم واليوم الآخر تأكلون فيه من نُسككم "(نسككم أضحيتكم )رواه البخاري ومسلم.
-الفطر من الأضحية : عن بريدة قال :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لايخرج يوم الفطر حتى يأكل وكان لا يأكل يوم النحر حتى يرجع " رواه الترمذي وابن ماجه وأنظر صحيح ابن ماجه 1422.

*الأدب الخامس: الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظافر لمن أراد التضحية من أول شهر ذي الحجة حتى يضحي:

-عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي "رواه مسلم .

-فقه في الحكمة من الإمساك عن أخذ الشعر والأظافر:

-قال العلامة ابن عثيمين في أحكام الأضحية 36/التلخيص:"والحكمة في هذا أن المضحي لما شارك الحجاج في بعض أعمال النسك والتقرب إلى الله في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر ونحوه ,وهذا حكم خاص بمن يضحي ,أما من يٌضحى عنه فلا يتعلق به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"وأراد أحدكم أن يضحي "رواه مسلم ولم يقل أو يُضحى عنه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك..."اهـ.

*الأدب السادس:الاستكثار من كر الله عزوجل في أيام العشر والجهر بذلك في مجتمعات المسلمين وعلى كل حال:

1-مشروعية الإكثار من الذكر:قال تعالى <ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام >الحج27

-روى البخاري 3/457تعليقا مجزوما به عن ابن عباس قال :"الـأيام المعلومات :أيام العشر"وصله الحافظ في الفتح 3/457

2-صفة الذكر:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مامن أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير " رواه الطبراني في الكبير وغيره وجود المنذري إسناده وأنظر صحيح الترغيب والترهيب رقم 1248والإرواء 3/397.

3-مشروعية الجهر بالتكبير في مجتمعات المسلمين :حب البقاع وشرها:

-روى البخاري في صحيحه 1/246تعليقا بصيغة الجزم :"كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما" وصله الحافظ في الفتح 2/458وانظر الإرواء 651.

4-مشروعية التكبير بتكبير الإمام أو نائبه أو بتكبير أهل الذكر والعلم:

-روى البخاري في صحيحه 1/246تعليقا بصيغة الجزم :"كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما" مخرج سابقا.

الأدب السابع : الدعاء والذكــــــــر يوم عرفة للحاج خير من الصيام :

-عن ابن عمرو ابن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ماقلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لاشريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " رواه الترمذي وحسنه وأنظر صحيح الترغيب والترهيب رقم 1536.

-قال العلامة ابن باز –رحمه الله-في التحقيق والإيضاح :"ويستحب في هذا الموقف العظيم أن يكرر الحاج ماتقدم من الأذكار والأدعية وماكان في معناها من الذكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويلح في الدعاء ويسأل من خيري الدنيا والآخرة ,...ويكون المسلم في هذا الموقف مخبتا لربه سبحانه متواضعا له خاضعا منكسرا بين يديه يرجو رحمته ومغفرته ويخاف عذابه ومقته ,ويحاسب نفسه ويجدد توبة نصوحا لأن هذا يوم عظيم ومجمع كبير ...فينبغي للمسلمين أن يروا الله من أنفسهم خيرا وأن يهينوا عدوهم الشيطان ويحزنوه بكثرة الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا ..."اهـ.

*الأدب الثامن : صـلاة العيد يوم الأضحى والتزام آداب عيد الأضحـى

*الأدب التاسع:الأضحية لمن وجد سعة:

-عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا" رواه ابن ماجه وحسنه وأنظر صحيح سنن ابن ماجه 2532.

الفصل الثالث:مالا يصح من فضائل أيام العشر من ذي الحجة ويوم عرفة:
تحذير :
ـ عن سمرة بن جندب عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:"من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"صحيح الترغيب والترهيب رقم95.
رُوي عن أبي هريرة قال :قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مامن أيام الدنيا أيام أحب إلى الله أحب إلى الله سبحانه أن يتعبد له فيها من أيام العشر وإن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر"الضعيفة رقم:5142
رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مامن أيام أفضل عند الله ولا العمل فيهن أحب إلى الله عزوجل من هذه الأيام يعني العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير وذكر الله وإن صيام يوم منها يعدل بصيام سنة والعمل فيهن يضاعف بسبعمائة ضعف"ضعيف الترغيب والترهيب 735.
رُوي عن عائشة -رضي الله عنها -قالت قال -صلى الله عليه وسلم-"صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم"رواه ابن حبان ،ضعيف الجامع رقم:3523.
رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة "ضعيف الجامع رقم:5562.
رُوي عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال:"مارئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وماذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا مارئي يوم بدر "،فقيل :مارئي يوم بدر؟قال:"فإنه قد رأى جبريل يزع الملائكة"رواه مالك مرسلا في شرح السنة بلفظ المصابيح وانظر المشكاة رقم:2600.
رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال:"كان يقال في أيام العشر بكل يوم ألف يوم ويوم عرفة عشرة آلاف يوم يعني في الفضل"ضعيف الترغيب والترهيب رقم:736.
رُوي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:"خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها"لاأصل له وأنظر سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم :1193.

منقول