قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

الرد على من يقول أن الإسبال مكروه إلاإذا اقترن معه الكبر فمحرم - الشيخ محمد بن هادي المدخلي

منْ قالَ: (إنَّ الإسبال مكروهٌ، وإذا ما قورن -أو اقترن - بالكبر وبالبطر والمخيلة فهو محرَّم، أمَّا مجرَّد الإسبال فمكروهٌ ليس بمحرمٍ). 

وهذا يقال الآن من بعض من ضَعُف فقهه؛ وقلَّ نصيبه وحظُّه من معرفته بالسُّنَّة والأثر؛ فنقول: شتَّان بين هذا وهذا، فمطلق الإسبال من الكبائر، وأمَّا إذا انضاف إليه البطر والأشر والخيلاء؛ فهذا له عذابٌ آخر، وهو الَّذي سمعتموه: ((ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)).

فهذا اختلف فيه العذاب عن ذاك، فلمَّا اختلف فيه عن ذاك لا يجوز أنْ يجعل حكمهما واحدًا، لأنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ في الأوَّل: ((مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ)).

أمَّا هنا: ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ مَخِيلَةٍ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) كما في حديث ابن عمرٍ، وكما في حديث أبي هريرة: ((مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ)) وكما في حديث أبي ذرٍّ وزيادة عليه: ((لم ينظر الله إليه، ولا يزكيه، وله عذابٌ أليمٌ)).

فدلَّ ذلك: على أنهُ جرَّه مجردًا من هذه الأمور من الكبائر، وأمَّا إنْ جرَّه مصحوبًا بهذا المذكور البطر فهذا لا ينظر الله إليه، ولا يزكيه، وله عذابٌ أليمٌ، فهذا عقوبته عقوبةٌ مستقلةٌ، عقوبةٌ أخرى.

فالواجب على كلِّ مسلمٍ: أنْ يخاف الله ويتَّقيه في نفسـه، ويحذر من هذا، ومن رأى على شخصٍ من إخوانه المسلمين شيئًا من ذلك الإسبال فعليه أنْ ينصحه، فإنَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما دخل عليه رجلٌ شابٌ يعوده في مرضه، فأقفى وإذا به مسبلٌ، فدعا به فجاء، فقالَ له: "ارفع ثوبك فإنهُ أبقى لثوبك وأتقى لربِّك"، فلم يشغله مرضه عن أداء النَّصيحة، فالواجب أداء النَّصيحة على كل مسلمٍ لأخيه المسلم، وهذا أمر معروفٌ -ولله الحمد- لذوي الفِطَر.

موقع ميراث الأنبياء