قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

فضل الدعوة وآداب الدعاة

قال الشيخ عبدالرزاق البدر حفظه الله :

إن من نعم الله تعالى علينا :
ما شرفنا به وأكرمنا بالانتساب إليه من سلوك سبيل الدعوة إليه .

قال تعالى :{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }[فصّلت (33)].

فالدعوة إلى الله تعالى
مهمة عظيمة
ووظيفة نبيلة
  ومطلب جليل

↩ والدعاة إلى الله هم السائرون على نهج الرسل ؛ السالكون لسننهم ؛ المقتفون لأثرهم

{ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ }[النساء (165)].

فهذه بعينها هي المهمة التي انتصب لها الدعاة :

البشارة بالخير
 والنذارة من الشر
وإقامة الحجة على الناس
وإبانة السبيل لهم

{ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }[يوسف (108)].

والواجب على من أكرمه الله بهذه الوظيفة ؛ وشرفة بسلوك هذا السبيل :

 أن يعرف لهذه النعمة قدرها
وأن يرعى لها حقها
  وأن يحفظ لها مكانتها

وإن من الرعاية لهذه النعمة :
▪ أن يحرص من وفق لها على الإتيان بها على التمام والكمال ؛ على قدر الطاقة والجهد
▪فلا يبتغي بهذا العمل إلا وجه الله والدار الآخرة
▪ ويكون فيه مقتفيا لآثار الرسول صلى الله عليه وسلم ، سائرا على سننه

وهذان أهم ما ينبغي أن يحافظ عليه الداعي :
الإخلاص لله تعالى
والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم
وبدونهما لا قبول لأي عمل من الأعمال

↩ إضافة إلى أن الداعي ينبغي له أن

يتحلى بمكارم الأخلاق
  وجميل الأدب
وطيب الخصال
والصبر
والحلم
والرفق
والأناة
والكرم
وسخاء النفس
والتواضع
ولين الجانب

↩ إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق وخصال الخير ، لتؤتي دعوته أكلها

{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }[آل عمران : 159].

كما أن الداعي ينبغي له أن يكون قدوة حسنة للمدعوين في عبادته ومعاملته وأخلاقه ، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك لأمته

{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }[الأحزاب (21)].


وإن من أخطر ما يكون في الداعية أن يخالف الناس إلى ما ينهاهم عنه ، وأن يغشى ما يحذرهم منه
↩ فيبوء بنصيب من مقت الله وسخطه بحسب ذلك

والله تعالى يقول :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ  * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }[الصف (3-2)].

ويقول سبحانه :
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )[البقرة (44)].

كما أن على الداعية أن يرفع بنفسه عن
سفاسف الأمور
ورديء الخصال
 وسيئ الفعال

▫ كالحسد والغل والكذب
▫ والغيبة والنميمة
▫ والغش والتكبر
↩ ونحو ذلك .

{َ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ }[لقمان:19-17].

وعموما فإن الداعية إذا تذكر وقوفه يوم القيامة بين يدي الله تعالى ؛ ومحاسبة الله له على أعماله في هذه الحياة :

▪ تنبه تمام التنبه لهذا الأمر
▪ وجد في إصلاحه
▪ وسعى السعي الحثيث لتكميله وتتميمه

{ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ }[الطور:27-26].

وأسأل الله العظيم أن يتولانا جميعا بتوفيقه ، وأن يشملنا بعفوه ورحمته ، وأن يهدينا سواء السبيل .

 

المصدر :
[الفوائد المنثورة ص 158].