قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

احذروا يا عباد الله، من الحسد

 

قال الشيخ الفوزان حفظه الله :

فاحذروا يا عباد الله، من الحسد لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا منه وقال: "لاَ تَحَاسَدُوا" هذا نهي من الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحسد فيما بيننا، فمن رأى على أخيه نعمة فإنه لا يحسده عليها، وإنما يسأل الله أن يرزقه من فضله قال الله جلَّ وعلا: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ)،

أسأل الذي أعط أخاك هذه النعمة أن يعطيك، فإنَّ الله جواد كريم، إذا سألته أعطاك، أما أن تحسد أخاك على نعمة الله التي أتاه الله إياها، فأنت حينئذ معترض على الله، وقاطعوا صلة الرحم أو صلة الإيمان التي بينك وبين أخيك، فعالج الحسد بأن تسأل الله الكريم من فضله والله واسع عليم،

وعالج الحسد أيضا بأن تؤمن بالقضاء والقدر وإنما حصل لأخيك إنما هو بقضاء الله وقدره والله أعلم سبحانه وتعالى، لا تعترض على الله سبحانه وتعالى، لا تعترض على الله في قضائه وقدره، ولا تقول فلان ما يستحق هذا الشيء كما نسمع من بعض الناس، والله فلان ما يستحق هذا، ليش فلان كذا وكذا، أو إذا نزلت مصيبة بأحد قال إن فلان قال جيد وأنه ما يستحق هذه العقوبة، كأنه يعترض على الله سبحانه وتعالى.

فعلى المسلم، أن يرضى بقضاء الله وقدره، كذلك مما يعالج به الحسد أن تدعو لأخيك بالبركة، تدعو له بالبركة، بدل أن تتمنى زوال النعمة عنه تدعو له ببقائها، وأن يبارك الله فيها، وهذا لا يضرك؛ بل ينفعك عند الله، فعالج الحسد بمثل هذه الأمور، كذلك مما يعالج به الحسد أن تطلب الرزق وأن تبذل الأسباب،

 أما انك تجلس وتعجز وتكسل وتحسد الكاسبين والذين يطلبون الرزق تحسدهم على ما أعطاهم الله، فهذا اللوم عليك أنت، أنت الذي قصرت، وأنت الذي تركت الأسباب، وأنت الذي تكاسلت فعليك أن تلوم نفسك، بدل أن تحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله، إذا الحسد يا عباد الله يجر إلى الكفر كما جر بإبليس، يجر إلى القتل كما جر هابيل على قتل أخيه قابيل،
وقد قص الله علينا هذه القصة لنعتبر بها، ونحذر منها ونحذر من الحسد،

الحسد يجر إلى الاعتراض على الله سبحانه وتعالى في قضائه وقدره وأن الله ليس حكيما وليس خبيرا وليس عليما، فإنما يعطي من لا يستحق العطاء، أو يعاقب من لا يستحق العقوبة، هذا كفر بالقضاء والقدر - ولا حول ولا قوة إلا بالله- ، إذا فالحسد داءٌ وبيل، فاستعيذوا بالله من الحسد، الحسد كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: "أنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ"، فاحذروا.

( من موقع الشيخ صالح الفوزان حفظه الله )

‏http://www.alfawzan.af.org.sa/node/14299