قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

إنها الفتنة يا خوارج العصر للشيخ محمد بن سعيد رسلان



إنهـا الفتنـة يـا خـوارج العصـر!

 

ليس كلُّ مَن نهى عن الخروج على ذي سلطان يكونُ مقرًا فعلَه ولا راضيًا بأمره ولا مقرًا لحكمه!
ولكنَّ أهلَ العلم يرون ما لا يراهُ غيرُهم من أهل البدعة والزيغ والضلال والجهل.
أهلُ العلم يرون البدعةَ إذا أقبلت، وأهل الجهل لا يرونها إلا إذا أدبرت.
أهل العلم يعرفون البدعَ من وجهها، وأهل الضلال لا يعرفون البدعة إلا من قفاها!
فأهل العلم يُحذِّرون.
قال الإمام أحمد للفقهاء -والواثق يفعلُ ما مرَّ ذكرُه وأكثر:
يقتلُ العلماءَ بيده من أهل السنة كـ(أحمدَ بن نصر) -رحمة الله عليه–.
يُسجنُ (البويطيُ) حتى يموت.
يُسجنُ (أبو نعيم) كذلك حتى يُودى به في سجنه.
ويُؤتى بالعلماء بالأغلال والسلاسل، كما حُمل (البويطيُّ) من مصر إلى دارِ الخلافة في
أرطالٍ كثيرةٍ من الحديد، أمسك بها لما كان في سجنه، وطلب أن تُدفنَ معه، يقولُ:
إني مخاصم يا ربِّ سل هؤلاء لِمَ حبسوني؟!!
والإمامُ (أحمد) من قبل يُضربُ ويُداسُ بالأقدام. والإمامُ (أحمد) من بَعْدُ في عهد
(الواثق) محددةٌ إقامتُه، ومن قَبْلِ ذلك ممنوعٌ من التحديثِ والتعليمِ وأداء الأمانةُ التي
حمَّله الله -ربُّ العالمين- إياها من حديث رسول الله.
لا يُولى قاضٍ ولا يُنصبُ معلمٌ ولا يُؤذنُ لخطيبٍ ولا معلمٍ في المكاتبِ للصبيان إلا إذا
أتى بتلك الطوام الكفرية من بدع الجهمية.
ومع ذلك فالإمامُ (أحمد) يَكُفُّ الفقهاءَ ويقول: لا تخرجوا عليه، اتقوا الله في دمائكم ودماء
المسلمين احذروا الفتنة؛ فيقولون وأيُّ فتنةٍ هي أكبرُ مما نحنُ فيه؟!!
دعوةٌ إلى الكفر والضلال، أيُّ فتنةٍ هي أكبرُ مما نحنُ فيه؟!!
يقولُ: إنما أُريدُ الفتنةَ العامة، ألا تذكرون: تُقطع السبل، تُنتهك الأعراض، تُسلبُ الأموال،
تُراقُ الدماء، يضعفُ أهل الإسلام وتقوى شوكةُ أهلُ الكفر إذا تكالبون على أهل الإسلام والحق.
اتقوا الله.. اصبروا حتى يستريحَ بَرٍّ أو يُستراحَ من فاجر.
هل كان (أحمد) راضيًا عما قررهُ (الواثقُ) وحاشيتهُ من الجهمية؟!! هل قبل معتقده؟!!
هل أقرَّه؟!! هل أمرَّه؟!! هل سكتَ عنه؟!! ولكنه لم ينزع يدًا من طاعة!! إنها الفتنة!!
فإذا قام من أهل السنة مَن يُحذِّر، أفليست له أسوةٌ في (أحمد)؟!! و(أحمد) أسوته
رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابُ رسول الله – رضي الله تبارك وتعالى عنهم–.