قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

المخرج من الفتن للشيخ صالح بن الفوزان الفوزان.



السائل : معالي الشيخ : أمة المسلمين تمر بمحن ، اليهود شرذمة قليلون و إنهم لنا غالبون ، و أهل البدع و الشر من الكهنة و العرافيين و أهل التنجيم ، ومن رافع ألوية البدع و الخرافات .
يكاد المسلم الغيور أن ييأس و أن يقنط ، و بخاصة إذا قيل له أن الشر قد كثر و الزم بيتك وامسك لسانك ، فالعلم الشرعي قد يقصر عن علاج هذه البشرية التي كثر شرها و شاع أمرها .
فهل هناك من كلمة تبين أن العلم الشرعي مخرج من الفتن بجميعها سواء كانت فتن عقدية أو في العبادات أو في غيرها ؟

الشيخ : [ لا شك أن العلم الشرعي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخرج من الفتن فإذا جاءت الفتن - و الفتن لابد أن تأتي سنة الله جل وعلا في خلقه ليبتليهم و يمتحنهم – فلا مخرج من الفتن لا مخرج من الفتن إلا بالعلم الشرعي قال صلى الله عليه وسلم ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله و سنتي ) و لن نتمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة إلا إذا سعينا لتعلمها و التفقه فيها و تلقيها عن أهلها .
أما وجود الكتاب و السنة في الرفوف و وجود الكتاب و السنة في المكتبات الضخمة هذا لا يكفي هذا مثل السلاح الذي لا يستعمل ولا يحمل هذا لا يفيد شيئاً هلك بنو اسرائيل و عندهم التوراة و عندهم العلم لمّا لم يعملوا به ولم يحملوه حق حمله هلكوا و فيهم العلماء و فيهم الأحبار { لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّو نَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } .
فلا مخرج من هذه الفتن إلا بتعلم العلم النافع الذي به تعرف الحق من الباطل تعرف الهدى من الضلال و تعرف الصحيح من السقيم نور من الله عز وجل { قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
جائنا هذا على يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و قال عليه الصلاة و السلام ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار ) .
لا شك أنه يحدث الشرك ، لا شك أنه يحدث الشرك و الكفر و الإلحاد في العقيدة .
لا شك أنه تحدث البدع و المحدثات و الضلالات .
لا شك أنه يظهر دعاة الضلال و دعاة السوء .
كل هذا يحدث و لكن المخرج من هذا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعلمهما و العمل بهما و الرجوع إليهما { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا }
أما أن الإنسان ينعزل إذا جائت الفتن و يبقى في بيته هذا فيه تفصيل :
الإنسان الذي لا يستطيع مقاومة الفتن ولا يستطيع أن يتعلم العلم النافع و لا يستطيع أن يرد الشبهات و يقارع أهل الضلال ، هذا يبقى في بيته ليسلم .
أما الإنسان الذي يستطيع أن يتعلم و يستطيع أن يتكلم بالحق ويدل على الصراط المستقيم ويرد على أهل الضلال ويلجم أهل الشر و المنافقين فهذا يجب عليه أن يخرج من بيته و أن يجاهد في سبيل الله { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } .
الكفار يجاهدون بالسلاح .
و المنافقون يجاهدون بالحجة و باللسان و بالكتاب و السنة ترد شبهاتهم و تفضح أباطيلهم فلو أن العلماء سكتوا و جلسوا في بيوتهم لتمادى أهل الضلال في ضلالهم و أهل الطغيان في طغيانهم و لسنحت الفرصة لشياطين الإنس و الجن أن يضلوا الناس عن الصراط المستقيم فلا بد من مقارعتهم { فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ [ أي بالقرآن ] وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا } نعم .. ] ا.هـ