*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
أحكام الله سبحانه وتعالى كلّها مبنية على مصالح ومنافع وحكم, علمها من علمها وجهلها من جهلها، ولا يكون الاحتياط للدّين وابتغاء السبيل المنجية التي تبرأ بها ذمة العبد إلا بالامتثال لأمر الله بالفعل، وامتثال نهيه بالاجتناب، وامتثال خبرهِ بالتصديق، سواء ظهرت الحكمة أو لم تظهر، فإن ظهرت الحكمة بنص أو إجماع فبها ونعمت كانت نور على نور وإن لم تظهر فلست مكلفًا بمعرفة الحكمة أنت مخاطب بالتسليم للحكم هذا هو تمام الانقياد
وهنا بعض الأمثلة:
وممّا شرعه الله سبحانه وتعالى التعدد في النّكاح بل جعله الأصل والاكتفاء بواحدة رخصة، قال تعالى: ﴿ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾ هذا نص صريح وقد منّ الله علينا بذكر ما تيسر من حكم التعدد في شرحنا لكتاب التفسير من صحيح البخاري في تفسير سورة النساء فليراجعها من أحبّ ذلك، وها هنا وقفتان مع نساء المسلمات:
الوقفة الأولى : إذا كانت المرأة تكره الشعيرة وتكره الأمر بها فقد ركبت شعبة من شُعب الكفر فعليها التوبة والتبرؤ من هذا لأنه ردّة، وإن كانت تكره أن يتزوج زوجها بأُخرى لأن الأخرى فيها مضّرة لها وأخذ بعض ما كانت تنالهُ من زوجها حينما كانت مخلية، فهذا أمر فطرت عليه الغيرة، لكن يُعاب عليها وتُذم وتمقت وتركب فسقا حينما تؤذيه في نفسه أو في ماله بالتبذير والإسراف، أو في أولاده تغيظهم فيها أو تستعدي عليه أهله أو أهلها تسلّط عليه ، هذا فسق فيجب عليه التوبة إلى الله عزّ وجل من ذلك وأُذكر بناتنا بأمر أظنّه خافيا على أكثرهن ، صحّ عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - ، ( أن نسوته رضي الله عنهن يعني أزواجه أمهاتكن يا مسلمات يجتمعن عند صاحبة الليلة فيتسامر الجميع ثمّ تذهب كلّ إلى بيتها ويبقى - صلّى الله عليه وسلّم - عند صاحبة الليلة ) وبهذا العرض تعلمون أنّ من ينبري للتعدد بعبارات تهّون شرعيته وأنّه من سنن الله المحكمة مثل ما يطلقه بعض الكتّاب المثقفين العارين عن العلم بشرع الله والفقه في دين الله إلا القليل من أنّ التعدد فكرة فتجب محاربتها والكتابة ضدها إلى غير ذلك ، وكذلك ما تعمد إليه بعض الوسائل المغرضة لإظهار هذه الشريعة في مظهر الظلم والتعدي فيجب التفريق أيّها المسلمون والمسلمات بين أمرين في هذه المسألة:
المصدر: شرح نواقض الإسلام لفضيلة الشيخ عبيد بن عبدالله الجابري –حفظه الله – الدرس الثالث.