بسم الله الرحمن الرحيم
ما الذي يجب علينا نحو التوحيد؟ إذا عرفنا أن التوحيد هو أعظم الأمور وأجلها وأهم المطالب وأعظمها إذا عرفنا ذلك ما الواجب علينا نحوه؟

أطرح هذا التساؤل على كل واحد يستمع إلى هذا اللقاء ويشارك معنا في هذا الموضوع المهم، التوحيد ما الواجب علينا نحوه؟ هذا سؤال مهم وعظيم للغاية ما واجبنا نحو التوحيد؟
نحن عرفنا معاشر الإخوة الكرام أن التوحيد أهم مطلب وأجل غاية فما الذي يجب علينا نحوه، ما هي الأمور التي يجب علينا نحوه؟

هذا السؤال عظيم وكبير ومهم جدًا، وأقول جوابًا على هذا السؤال أن الواجب علينا نحو هذا التوحيد الذي خلقنا لأجله؛ بل الواجب علينا نحو كل أمر أمرنا الله سبحانه وتعالى به سبعة أمور، وآمل من الجميع أن يضبطوها واحدًا واحدًا، وسأتحدث عنها بلا إطالة تداركا أو كسبا للوقت.


أولًا: الواجب الأول: أن نتعلمه، أي أمر أمرنا الله به وأعظم الأوامر هو توحيد الله، أمرنا الله بالتوحيد، وأمرنا بالصلاة، وأمرنا بالصيام، أمرنا بالزكاة، أمرنا ببر الوالدين إلى غير ذلك من الأوامر، أول واجب علينا نحوه أن نتعلمه، وهذه هي البداية ويُبدأ بالعلم والتعلم قبل كل شيء كما قال الله –تعالى- : ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ﴾ [محمد: 19] فبدأ بالعلم قبل القول والعمل، وقد كان نبينا -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث أم سلمة في مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه: (كان كل يوم يقول بعد صلاة الصبح: اللهم إني أسألك علمًا نافعا، ورزقا طيبًا، وعملا متقبل) هذه دعوة كان يدعو بها نبينا صلوات الله وسلامه عليه كل يوم.

وهذه الدعوة لو تأملت هي في الحقيقة إضافة إلى كونها دعوة واستعانة بالله هي في الحقيقة تحديد لأهداف المسلم في يومه، تحديد لأهداف المسلم في يومه، أنا تأملت في هذا الأمر، ونظرت في هذا الحديث لما تتأمل تجد أن المسلم ليس له في يومه إلا هذه الثلاثة أهداف لا يخرج عنها، أبدًا أهداف المسلم في يومه هي هذه الأهداف الثلاثة، أنا أسألكم الآن هل يحضركم هدف ثالث للمسلم في يومه خارج عن هذه الثلاثة؟

فهذه الأهداف الثلاثة هي أهداف المسلم في يومه، العلم النافع، الرزق الطيب، العمل الصالح وكان عليه الصلاة والسلام يوميا إذا صلى الصبح بعد أن يسلم كما تقول أم سلمة يدعو بهذه الدعوة، بماذا بدأ؟ بالعلم، وهذا يدلنا على أن أولى أولويات المسلم وفي مقدمة اهتمامه في يومه؛ بل في كل أيامه البدء بالعلم.

العلم قبل العمل، وقبل القول، وقبل الكسب؛ لأنه لا يمكن أن تأتي بالعمل الصالح ولا بالقول السديد ولا بالكسب الطيب إلا إذا كان عندك علم، إذا لم يكن عندك علم لا تستطيع أن تميز بين عمل صالح وغير صالح، ولا بين قول سديد وغير سديد، ولا بين رزق طيب أو رزق خبيث، فالعلم هو الذي يميز للإنسان الخبيث من الطيب، والحق من الضلال والباطل.

إذن أول ما نبدأ فأول واجب علينا نحو التوحيد أن نتعلمه، وهذا أمر الله لنا في القرآن: قال: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ﴾ [محمد: 19] هذا أمر بتعلم التوحيد ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ﴾ [محمد: 19] وإذا نظرت إلى واقع كثير من الناس تجد أنهم في غفلة عن تعلم التوحيد، في غفلة عن تعلم التوحيد وعن الاهتمام به والعناية به، ربما أن بعض الناس يهتم بأمر من الأمور يتعلمه ويتفقه فيه ويبرع فيه، ويشار إليه فيه بالبنان ولم يعطِ التوحيد من لحظاته ولا قليلا من أجل أن يتعلمه!! هذه مصيبة؛ لأن الله عز وجل خلقك لهذا التوحيد، ثم تبرع في أمورٍ وأنت غافل عن التوحيد الذي خلقك الله لأجله لا تتعلمه ولا تسأل عنه، ولا تبحث عنه ولا تتفقه فيه!! فهذه مصيبة عظيمة.

إذن أول واجب نحو التوحيد أن نتعلمه كما أمرنا الله سبحانه وتعالى فقال: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ﴾ [محمد: 19] هذا الواجب الأول، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا هو في الحقيقة خدمة لكل مسلم، وتيسير لكل مسلم، وإعانة لكل مسلم أن يتعلم التوحيد واضحًا بينًا، مدعمًا بالأدلة والشواهد من كتاب الله وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه ولعل هذا أيضًا يتضمن دعوة للمواصلة والاهتمام في الدراسة والتعلم والعناية بهذا العلم المبارك، وألا يستمر الإنسان في غفلة إلى أن يدهمه الموت، وينتقل من هذه الحياة وقد خرج والعياذ بالله خرج من الحياة ولم يعرف أغلى شيء فيها، يكون خرج من الحياة، ودع هذه الحياة الدنيا وأغلى شيء في هذه الحياة هو توحيد الله ما تعلمه، وهذه أكبر المصائب، أكبر المصائب أن يودع الإنسان الحياة الدنيا، ويغادر هذه الحياة، وأغلى شيء في هذه الحياة، أنا لا أعلم شيء في هذه الحياة أغلى من التوحيد الذي خلقنا جل وعلا لأجله وأوجدنا لتحقيقه، هذا الواجب الأول.


الواجب الثاني: أن نحبه، أن نحب الذي أمرنا الله به، وأعظم الأوامر التوحيد، فالسبع نقاط التي أتحدث عنها هي لا تختص بالتوحيد، فكل أمر أمرنا الله سبحانه وتعالى به يجب علينا نحوه سبعة أمور، والتوحيد هو أعظم أمر، التوحيد هو أعظم أمر أمرنا الله سبحانه وتعالى به.

إذن الأمر الأول: أن نتعلمه، الأمر الثاني: أن نحبه.

فكل شيء يأمرك الله به، وأعظم شيء أمرك الله سبحانه وتعالى به هو التوحيد، فكل شيء أمرك الله به تحبه، وتجاهد نفسك، وتجاهد قلبك على إمارته بمحبة ما أمرك الله به، والله لا يأمرك إلا بما فيه سعادتك وصلاحك ورفعتك في الدنيا والآخرة.

فكيف لا يجب الإنسان ما فيه سعادته؟ ما فيه صلاحه؟ وانظر اللفتة الكريمة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد عندما كان يمشي في فجاج مكة وينادي: (قولوا لا إله إلا الله تفلحو) يعني: فلاحكم في هذا التوحيد، سعادتكم في هذا التوحيد، رفعتكم في الدنيا والآخرة في هذا التوحيد.

فإذن هذا الأمر الذي فلاحنا وسعادتنا ورفعتنا في الدنيا والآخرة علمناه، وعلمنا أمر الله لنا به، وعلمنا أيضًا فضله ومكانته نحبه ونعمر قلوبنا بمحبته، وأوثق عرى الإيمان الحب في الله، تحب الله، وتحب أنبياءه، وتحب دينه، وتحب ما أمرك -سبحانه وتعالى- به، ولا تجد في قلبك حرجا؛ لأن هذا خير لك ورفعة وسعادة في الدنيا والآخرة.

حتى لو ظهر في ظاهره المشقة والتعب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حفت الجنة بالمكاره) حتى لو كان الأمر شاقا فعلًا، يعني: الصلاة الآن، الصلاة عندما ينادي المنادي لصلاة الفجر: حي على الصلاة، والجو شاتٍ، والماء بارد أحبب ذلك، وادخل وأنت فرح محب مغتبط؛ لأن هذا أمر لك فيه فلاحك فيه سعادتك، أليس المنادي للصلاة في كل الصلاة يقول: حي على الفلاح؟ لأنه فلاحك، إذن كيف لا تحب ما فيه فلاحك؟ كيف لا يحب الإنسان ما فيه فلاحه؟ ما فيه سعادته؟ إذن هذا الواجب الثاني أن نحب ما أمرنا الله -سبحانه وتعالى- وأعظم الأوامر التوحيد فنحب التوحيد.

بعض الناس ولابد أن نشير لهذا بسبب الأهواء، بسبب دعاة الباطل، بسبب إثارة الشبهات تجد نفسه قد تنقبض من التوحيد أو تنقبض من أوامر الله -سبحانه وتعالى بسبب ما اكتنفه هو من شبهات. إذن الواجب أن أطرح كل شيء وكل أمر يخالف ما أمرني الله جل وعلا ولا أجد وحشة، ولا أجد حزازة لأنني إن نميت في نفسي هذه الوحشة وهذه الحزازة أو نحو ذلك سأجد قلبي منقبضا عن أبواب الخير وأبواب السعادة مثل ما قال الله -عز وجل- عن الكفار والعياذ بالله أنه عند ذكر التوحيد تشمئذ قلوبهم: ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ ﴾ [الزمرك 45] القلب يجب أن يحبه، فقلب هذا المريض يشمئذ، فالإنسان لا، بل ينشرح ويفرح ويغتبط ويحب ويقبل على أمر الله -جل وعلا- له.

نأتي الآن إلى الأمر الثالث:

الأمر الثالث علمنا وأحببنا نعزم في قلوبنا على فعله، والعزم هو حركة في القلب لفعل هذا الشيء.

إذن أنا أتعلمه، أول ما أبدأ أتعلمه، ثم أحبه، ثم أجعل في قلبي حركة وإرادة وعزم، أعقد العزم في قلبي على فعل هذا الأمر.

هنا لما يأتي الإنسان ليدخل في التوحيد وقد كان ضالا عنه ومنحرفا وربما كان في عبادات باطلة وفي أهواء منحرفة عندما يحب هذا الأمر بسماعه لحديث عنه وبيان لفضائله ويتحرك قلبه عزما على فعله -يأتيه في قلبه بسبب الحياة التي عاشها والأهواء التي اكتنفته يأتيه في قلبه خوف من التغير، يقول: أنا الآن إذا عزمت على فعل هذا الأمر قد تتغير دنياي، ويتردد، قد أفقد كذا، قد تصيبني هذه التي أنا متعلق بها وارتبطت بعبادتها وسؤالها والخضوع لها، قد تصيبني بشيء، أرأيت الآن ماذا قال الكفار ﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ [هود: 54] يعني يقول: أخشى إن عزمت الآن فتتغير حياتي.

ربما الشيطان يأتيه ببعض الأشياء وبعض الأمور التي تجعله ينهزم وربما ينكص، تجده سبحانه وتعالى علم وأحب وعزم على الفعل ثم انفرط منه الأمر وذهب ذلك العزم بسبب ما احتوى أو اكتنف قلبه من أمور ردته عنه.

إذن يعزم الإنسان، علمته وأحببته اعزم لا تتردد، لماذا تتردد؟ ولماذا تفكر في هذا وذاك؟ هذا أمر علمته وأحببته وعرفت صحته وسلامته لماذا تتردد؟ اعزم وتوكل على الله سبحانه وتعالى إذن هذا الأمر الثالث.

الأمر الرابع: العمل: علمت وأحبتت وعزمت في قلبي على فعله اعمل، أبدأ أعمل بالتوحيد، أخلص الدين لله، أفرد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، أخصه جل وعلا بالطاعة، لا أدعو غيره، لا أسأل غيره، لا أستغيث بغيره، لا أصرف شيئا من عباده لغيره، أجعل العبادة خالصة له جل وعلا وحده لا شريك له في شيء منها، وأوحده في ربوبيته وفي أسمائه وفي صفاته، وأعمل بالتوحيد، وأقبل على أمور التوحيد وتفاصيل التوحيد وأفراد العبادة وأعمل بها طاعة لله -سبحانه وتعالى مقبلا عليه جل وعلا إذن هذا الأمر الرابع الذي هو العمل.

لاحظ هنا أن بعض الناس قد يحب، قد يعلم، وقد يحب ويعزم، ثم لما يأتي للأمر الرابع وهو العمل يقول: ماذا يقول عني الشيخ الفلاني؟ ماذا يقول عني الناس لو رأوني مثلًا تركت كذا؟ فتجده يمتنع بعد أن أحب وعلم وعزم. لاحظ هذه المقدمات المهمة التي وجدت فيه، ثم يأتي إلى مرحلة العمل، هو يريد أن يعمل وربما يبدأ فعلًا بالعمل ثم يتوقف يقول: ماذا يقول عني الناس؟ وتجده يمتنع ويقول: لا أنا على طريقة أشياخي، أنا على طريقة مثلًا أهل بلدي، أنا على الشيء الذي نشأت عليه. الآن أنا أسمع وربما سمعت أيضًا بعض الذين يدعون إلى الإسلام تجده يعرف بالإسلام ويقتنع إنه صحيح، ثم يقولون له أسلم يقول: ماذا أقول لمن حولي؟ ماذا أقول لأهلي، لأولادي، لجماعتي؟ أنا أخاف منهم، يقول أنا مقتنع.

اليوم أحد الأشخاص حدثني بمثل هذا وسمعت مثل هذا كثيرا، اقتنع شخص عنده بالإسلام وعرف إنه الدين الصحيح لكنه يقول: ما موقفي؟ فتجده يمتنع عن العمل بعد أن علم، وبعد أن أحب، وبعد أن عزم. تحركت إرادة العزم ثم يمتنع!! هذه عقبة أمامه نسأل الله العافية فيمتنع عن العمل، يخاف أن يطلع عليه من يعظمه، يخاف!!

وانتبهوا لهذه الكلمة، يخاف أن يطلع عليه من يعظمه من الناس لكن رب العالمين أحق بالتعظيم، رب العالمين الذي خلقك وأوجدك تخشى الناس ولا تخشاه!! تراقب الناس ولا تراقبه!! تخاف الناس ولا تخافه!! هذه بلية عظيمة، إذن نأخذها متدرجين علمنا وأحببنا وعزمنا وعملنا هذه الرابعة.


نأتي للخامسة . أن نوقع العمل خالصا صوابا، ليس كل عمل يصلح أو يناسب، وإنما العمل الذي هو العمل الصالح المقبول عند الله ما كان خالصا صوابا.

إذن نوقع العمل خالصا لله، وصوابا على منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2] قال الفضيل رحمه الله في معنى هذه الآية:أخلصه وأصوبه، قيل يا أبا علي، وما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل لا يقبل حتى يكون خالصا صوابا، لا يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة، فنوقع العمل خالصا لله وصوابا على السنة.

لاحظ هنا أيضًا في الأوامر عمومًا حسب التدريج الذي مشينا عليه أنه قد يأتي الإنسان بالمراتب الأربعة ثم يأتي للناحية العملية فيعمل بأمور أيضًا هذه الأمور يجعلها خالصة لله لكنها ليست على شرعه، يعني: مثلًا إنسان يذكر الله جل وعلا بأذكار مبتدعة وأدعية محدثة، ليس فيها شرك، وليس فيها مخالفة للإخلاص لكن فيها مخالفة للسنة والمتابعة للرسول -عليه الصلاة والسلام إذن إذا علمنا وأحببنا وعزمنا وعملنا نوقع العمل خالصا صوابا.


نأتي إلى الأمر السادس: وهو أن نحذر من محبطاته، جئنا بهذه المراتب نحذر من محبطات التوحيد ومبطلاته، وأيضًا نحذر من الأشياء التي تنقصه، وتنقص كماله؛ ولهذا فالتوحيد له نواقض وله نواقص، له نواقض تفسده تمامًا وتجتثه من أصله، تذهبه من أصله، وله نواقص تنقص كماله الواجب، وكتاب التوحيد الذي نحن بصدد دراسة بين فيه مؤلفه رحمة الله عليه التوحيد بأدلته، وبين فضله وبين حقيقته، ثم أيضًا عرج على ذكر النواقض والنواقص، لماذا؟ حتى نحذر منها.

إذن نحن مُطالَبٌ منا جهة الأمر إذا أتينا بالأمور السابقة الخمسة أن نحذر من أي شيء يبطلها، يأتي هنا سؤال أطرحه وأجيب عنه إجمالا، وسيأتي عنه الجواب المفصل فيما بعد كيف نحذر مما يحبطه؟ نحن الآن نتحدث عن التوحيد كيف نحذر مما يحبط التوحيد؟ عرفنا أن التوحيد له محبطات، له نواقض وله نواقص، ولا يتسنى لأحد أن يحذر منها إلا إذا عرفها وإلا كما قال قديمًا أحد السلف: «كيف يتقي من لا يدري ما يتقي» وكثير من الناس يبتلى بأمور يفعلها تنقض توحيده أو تنقص توحيده وهو لا يعلم، وربما أدخلت عليه بمسميات صحيحة لكن سمو له الشيء بغير اسمه، مثل يسمون بعض الشركيات توسل، أو يسمونها شفاعة أو يسمونها بأشياء أخرى فتجده يفعل الشرك الصراح، وإذا قلت له ماذا تفعل؟ يقول: أتوسل أو أستشفع أو نحو ذلك فالمسميات لا تغير الحقائق.

إذن نحذر المبطلات، وسياتي في هذا الكتاب بيان لمبطلات التوحيد وأيضًا للأمور التي تنقص التوحيد، وهذا من الأهمية بمكان لأنْ يتعلمه المسلم حتى يحذر منه. إذن نحن مطالب من كل مسلم أن يعرف الشرك لماذا؟
حتى يحذر منه ويتجنبه

يقول القائل: "تعلم الشر لا للشر، ولكن لتوقيه فإن من لم يعرف الشر من الناس يقع فيه" يقول حذيفة بن اليمان كما في صحيح البخاري: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافته) وكثير من الناس يبتلى بالوقوع في بعض النواقض أو النواقص لتوحيده بسبب جهله وعدم تعلمه، إذن هذا الأمر السادس أن نحذر من المبطلات.


السابع والأخير: هو الثبات على هذه الأمور والاستقامة عليها إلى الممات: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99] يعني: حتى يأتيك الموت، فتثبت على هذا الأمر، والله -عز وجل لما ذكر آية التوحيد في ذلك المثل العجيب في سورة إبراهيم ذكر عقبه أمر الثبات ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً ﴾ هذه كلمة التوحيد ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿24﴾ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿25﴾ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴿26﴾ يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ ﴿27﴾ [إبراهيم: 24- 27] فيثبت الإنسان ويستقيم على الأمر ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأحقاف: 13] ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ ﴾ [فصلت: 30] آيتان في كتاب الله، والرجل في حديث سفيان بن عبد الله الثقفي الذي قال للرسول عليه الصلاة والسلام : (قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم) فيستقيم الإنسان على هذا الأمر إلى أن يتوفاه الله.

إذن هذه الأمور السبعة هي في غاية الأهمية، في غاية الأهمية، وأعيد ثانية ليست هذه الأمور السبعة خاصة بالتوحيد؛ بل هي تتعلق بكل أمر أمرنا الله به؛ الصلاة الصيام الحج الزكاة، أي أمر أمرنا الله سبحانه وتعالى به يجب علينا نحوه هذه الأمور السبعة. ( التفريغ منقول )