قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

الهجر للدين ومراتبه

أما إذا كان لأمر الدين، الهجر في دين الله فلا بأس أن يهجر فوق الثلاث ليال، ويدل على ذلك هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض أصحابه فوق ثلاث، حيث هجر الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ﴾ [التوبة : 118]،

أنزل الله توبتهم،

فإذًا الهجر لأجل الدين شيء والهجر لأجل الدنيا شيء آخر ، ثم الهجر لأجل الدين ينقسم إلى مرتبتين:

إما أن يكون الهجر لإنسان بسبب الفسق والمعاصي وهو سني على الطريق، الانتقاد صحيح، الطريقة صحيحة لكنه عنده بعض المعاصي فهذا تهجره لعل هذا الهجر يؤثر فيه فيرتدع ويترك هذه المعصية من شرب دخان، أو سماع غناء، أو حلق لحى، أو نحو ذلك فإذا كان الهجر لا ينفع معه يزيده شرًا فلا تهجره، صله وأمره بالمعروف وانهاه عن المنكر، هذه المرتبة الأولى .
يعني الآن هجرتهُ لأجل شُرب الدُخّان يمكن يذهب يشرب الخمر أو المُخدرات لا لا لا مُصيبة عن مُصيبة أهوَن فلا يُهجر فيأخُذَه أصحاب المُخدِرات لا تدعَهُ لهُم أو يأخُذهُ أصحاب المُسكِرات فيذهَب معَهُم لا، فتكُون حِينئِذٍ كمن أرادَ أن يُداوِي زُكام فأحدثً جُذامَا لا هذا لا يصلُح، نعم فهذا فيه التّفصِيل.

المرتبة الثانية من الهجر بسبب الدين أن يكون الهجر لأجل البدعة، فهذا يهجر على التأبيد حتى يتوب ويرجعَ عن بدعته كما فعل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع النّفر الثّلاثة الذين تابُوا هجرهُم -صلّى الله عليه وسلّم- كان لا يُسلِّم عليهِم وأمر بأن لا يُسلّم عليهم، أمر الصّحابة بأن لا يُسلِّموا عليهم فكانُوا يُسلِّمون ولا يًرُدُّون عليهم حتّى أنزل الله توبتهُم مع أنّهُم تابوا النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- انتظر حتّى أنزل الله صِدق توبَتِهم وإلّا هُم تابُوا والنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خشِي عليهم من النِّفاق فأنزل الله براءتهُم وصدق توبتِهم فقبِل النّبيُّ -صلى الله عليه وسلّم- منهم، وهم هِلالُ بن أمَيَّة الواقِفِي، ومُرارَةَ بنُ الرّبيع، وكعبُ بنُ مالِك -رضِي الله تعالى عنهُم جميعًا وأرضَاهُم- هؤلاء الثّلاثة.
-----------------
مستفاد من: شرح كتاب الجامع من بلوغ المرام - الدرس 02 | للشيخ: محمد بن هادي المدخلي