قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

مجموع الردود على العقلاني المعتزلي «عدنان إبراهيم»
  • الرد الأول: على العقلاني عدنان إبراهيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

أرسل لي بعض المشايخ الفضلاء مقطعاً صوتياً للعقلاني عدنان إبراهيم ، ذكر في مقطعه أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وعمرها إحدى وعشرين سنة لا تسع سنين ، واستدل بأدلة أوهى من بيت العنكبوت ، هي:

قوله: بأن زواج النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة وهي بنت تسع هذا يخالف العقل.اهـ

يجاب عنه: أن هذا هو قول عامة أهل الزيغ والضلال يقدمون العقل على النقل ، وهذا من اتباع الهوى.
قال تعالى (أفرءيت من اتخذ إلـٰهه هوىٰه وأضله الله على علمـ وختمـ على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشـٰوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) فهؤلاء أهل كلام يقدمون أهوائهم على النصوص.
وقوله هذا مخالف لإجماع الأئمة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين.
قال الإمام ابن عبدالبر في الاستيعاب(4/356): تزوج النبي عليه الصلاة والسلام عائشة وبنى بها وهي بنت تسع لا أعلم مختلف في ذلك.اهـ

قوله: رواية عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوجها وهي بنت تسع سنين ، لم يروها أحد من أهل المدينة من تلاميذ هشام بن عروة وإنما رواها أهل العراق فأين تلاميذ هشام منها؟اهـ

يجاب عنه: بأن الراوي قد يحدث في موضع دون موضع ، وقد يحفظ حديثه بعض طلابه دون بعض.
وهذا ليس بغريب، فكم من حديث لشيخ مكثر لم يروه عنه إلا شخص واحد وكم من شيخ حدث أمام الملأ ولم يحفظ حديثه سوى واحد ،
كحديث عمر رضي الله عنه(إنما الأعمال بالنيات)
قاله على المنبر ولم يروه عنه سوى علقمة بن وقاص الليثي.
وهذا ليس بمستغرب وهو كثير في كتب الحديث ،
يتفرد راوٍ عن راوٍ ويتفرد أهل بلد عن راوٍ ، فتجد المدني يتفرد بالرواية عن شيخ مصري وتجد أهل الشام يتفردون بالرواية عن شيخ مكي ، وهكذا ، ولم َيرد الأئمة هذه التفردات بل قبلوها.

قوله: بأن حديث هشام رواه عنه العراقيون فقط ورواية العراقيين عنه لا تثبت.اهـ

يجاب عنه: بأن رواية العراقيين عن هشام مخرجه في الصحيحين ، وهما أصح كتب الحديث بلا خلاف ، وقد أنعقد الإجماع على صحة كل ما فيهما.

- تخرج حديث هشام وذكر متابعاته وشواهده:
حديث هشام:
رواه البخاري(3896) ومسلم(1422)عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت(بنى بها النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين)
ورواه البخاري (3894) من طريق علي بن مسهر عن هشام.
ورواه أيضاً(5133) من طريق سفيان عن هشام.
ورواه أيضاً(5134)من طريق وهيب عن هشام
ورواه مسلم(1422)من طريق عبده بن سليمان عن هشام.
ورواه أبو داود(2121) من طريق حماد بن زيد عن هشام.
ورواه النسائي(3255)من طريق أبي معاوية عن هشام.

- متابعة الزهري لهشام روى مسلم (1422) عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة (أنها زفت للنبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين) وهذه متابعة تامة.

- متابعة إبراهيم النخعي لهشام رواه مسلم (1422) والنسائي (3258) عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: (تزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي بنت ست وبنى بها وهي بنت تسع)، وهذه متابعة قاصرة.

- وله شاهد عن ابن مسعود رضي الله عنه.
رواه ابن ماجه (1877) عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه قال(تزوج النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت سبع وبنى بها وهي بنت تسع)، وهذا رجاله ثقات وفيه انقطاع بين أبي عبيده وأبيه لكنه معتضد بما قبله ، بل وهناك من الحفاظ من قبل رواية أبي عبيدة عن أبيه ، وقالوا بأن أبا عبيدة يروي عن أهل بيته عن أبيه ، وأهل بيت ابن مسعود كلهم ثقات ، فإذا عُلمت الواسطة وكان ثقة قُبل الحديث.

قوله: إن حفظ هشام تغير ، ثم طعن في رواية العراقيين عنه.

يجاب عنه: بأنه قال في أول كلامه(هشام إمام حافظ كبير) ثم بعد ذلك تناقض وطعن في حفظه.
وهذا يدل على أنه يقول ما لا يعلم ويدعي أنه يعلم.
قال ابن حجر في هدي الساري(471):
هشام بن عروة من صغار التابعين مجمع على تثبته ، إلا أنه في كبره تغير حفظه ، فتغير حديث من سمع منه في قدمته الثالثة إلى العراق ، قال يعقوب بن شيبة: هشام ثبت ثقة لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية عن أبيه فأنكر ذلك عليه أهل بلده. والذي نراه أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمع منه فكان تساهله أنه أرسل عن أبيه ما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه. قلت: هذا هو التدليس ، وأما قول ابن خراش كان مالك لا يرضاه ، فقد حكى عن مالك فيه شيء أشد من هذا وهو محمول على ما قال يعقوب ، وقد احتج بهشام جميع الأئمة.اهـ

قوله: (الجارية في اللغة هي من عمرها 11 سنة)، يجاب عنه: أن الجارية في اللغة هي الفتية من النساء.
قاله ابن منظور في اللسان (3/135) والفيزوز آبادي في القاموس (275) وغيرهما والفتية من النساء تشمل من بلغت سن السابعة والثامنة والتاسعة وغير ذلك.

- قوله: (ولدت عائشة قبل البعثة بأربع سنين)

يجاب عنه: أن هذا خلاف ما عليه أهل العلم ، والمعروف أنها ولدت بعد البعثة لا قبلها ولا يعلم أن أحداً من أهل العلم قال بقوله.
قال ابن حجر في الإصابة(4/359): ولدت عائشة رضي الله عنها بعد المبعث بأربع أو خمس سنين.اهـ
قلت وهذا هو المعروف في كتب التراجم.

 

 

الرد الثاني: طعن عدنان إبراهيم بالصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

قال عدنان إبراهيم قبحه الله ساخراً في مقطع صوته له في موقعه: معاوية لا أشبع الله بطنه هذه دعوة النبي عليه الصلاة والسلام عليه وأصابته الدعوة ، فهو ليس له إلا الأكل.اهـ

يجاب على قوله من عدة أوجه:
أولاً: أن السخرية بالآخرين محرمة.
قال تعالى: (يـٰٓأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهمـ) الآية.
والسخرية هي الاستهزاء ، يقال هزئ به واستهزأ.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (1747): نهى تعالى عن السخرية بالناس ، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم ، والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له.اهـ

ولاشك أن معاوية رضي الله عنه أعظم قدراً من هذا المستهزيء.

ثانياً: أن السخرية بالآخرين من فعل الجهال.
قال تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركمـ أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجـٰهلين)
فعد السخرين من فعل الجاهلين.

قال العلامة السعدي في تفسيره (46): الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه وهو الذي يستهزئ بالناس ، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمن هو آدمي مثله.

ثالثاً: أن السخرية بالصالحين من فعل أهل النفاق:
قال تعالى: ( وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شيـٰطينهمـ قالوا إنا معكمـ إنما نحن مستهزءون)
قال الإمام القرطبي في تفسيره(1/150): أنزلت هذه الآية في ذكر المنافقين.اهـ

رابعاً: أن السخرية بالصحابة أذية لهم ، وأذية الصحابة مما يؤذي النبي عليه الصلاة والسلام، قال عبد الله بن المغفل رضي الله عنه: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الله الله في أصحابي لا تتخذوا أصحابي غرضاً من أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله)رواه الترمذي(3871)وقال:حديث حسن غريب ، وصححه ابن حبان (7212).
وآذية الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام من كبائر الذنوب ، قال تعالى: ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً).
قال الحافظ ابن كثير في تفسيرة(1525): والآية عامة في كل من آذاه بشيء فقد آذى الله.اهـ

خامساً: حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له (اذهب وادع لي معاوية) قال: فجئت فقلت: هو يأكل فقال (لا أشبع الله بطنه) رواه مسلم (2604)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم (1552): دعاؤه على معاوية: أن لا يشبع حين تأخر ففيه جوابان:
أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد.
والثاني: أنه عقوبة له لتأخره.اهـ.

قلت: والقول الأول أرجح ، وأن هذا الكلام يجري على اللسان ولا يراد منه وقوعه ، ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ (ثكلتك أمك يا معاذ)، رواه الترمذي (2616) وقال حديث حسن صحيح.

قال الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي (7/28): قوله (ثكلتك) بكسر الكاف أي فقدتك، وهو دعاء عليه بالموت على ظاهره ، ولا يراد وقوعه ، بل هو تأديب وتنبيه من الغفلة.اهـ.

ونظيره أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام لصفية رضي الله عنها لما حاضت (عَقرى حَلقى) رواه البخاري (1762)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح(3/668):
قوله (عقرى حلقى) معناه الدعاء بالعقر والحلق ، ثم معنى عقرى عقرها الله أي جرحها وقيل جعلها عاقراً لا تلد وقيل عقر قومها ، ومعنى حلقى حلق شعرها وهو زينة المرأة أو أصابها وجع في حلقها.

وحكى القرطبي أنها كلمة تقولها اليهود للحائض ، فهذا أصل هاتين الكلمتين ، ثم اتسع العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما كما قالوا: قاتله الله ، وتربت يداه ، ونحو ذلك.اهـ


الرد الثالث: طعن المعتزلي عدنان إبراهيم في الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
- قال عدنان إبراهيم في تسجيل صوتي له في موقعه وهو يسخر: من عقيدة أهل السنة عدم شتم معاوية ، فهل عدم سب معاوية أصبح من العقيدة.اهـ

يجاب عن قوله السيء بما يلي:
أولاً: أنه قد استفاض عن النبي عليه الصلاة والسلام نهيه عن سب صحابته ، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على حُرمة سبهم ، وأن سبهم من علامات المبتدعة كالخوارج والنواصب والروافض وغيرهم.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام:( لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)رواه البخاري (3673) ومسلم (2541).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الإسماعيلي كما في صحيح الجامع (6285).

قال ابن عمر رضي الله عنهما: (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة) رواه أحمد في فضائل الصحابة (1/57) وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما، رواه عنه ابن بطة بإسناد صحيح كما في شرح الطحاوية لابن أبي العز (669).

قال الإمام مالك: ( الذي يشتم أصحاب النبي ﷺ ليس لهم إسم أو قال نصيب في اﻷسلام ) السنة للخلال-2/557.

ثانياً: أن عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم: حبهم والترضي عليهم والذب عنهم ، والكف عما شجر بينهم ، ولا يذكرون إلا بجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ، وهم الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه فنعم الصحب لنبيهم عليه الصلاة والسلام قال ابن مسعود رضي الله عنه( نظر الله في قلوب العباد بعد قلب محمد عليه الصلاة والسلام فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه) رواه أحمد وحسنه الألباني كما في الطحاوية(672) ، وهم خير الناس بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لحديث عمران رضي الله عنه في الصحيحين (خير الناس قرني).

قال تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبناً غلاً للذين ءامنوا)، قال الإمام الطحاوي في الطحاوية(467): ونحب أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان… ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق.اهـ

قال العلامة ابن أبي العز في شرح الطحاوية (490): قوله (فقد برئ من النفاق) لأن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق قصده إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول عليه الصلاة والسلام.اهـ

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة(134): وإذا رأيت الرجل يطعن على أحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فاعلم أنه صاحب قول سوء وهوى لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام(إذا ذكر أصحابي فأمسكوا) قد علم النبي عليه الصلاة والسلام ما يكون منهم من الزلل بعد موته فلم يقل فيهم إلا خيراً ، وقال (ذروا أصحابي لا تفولوا فيهم إلا خيراً.اهـ.

ثالثاً: أن الطعن في معاوية رضي الله عنه طعن في سائر الصحابة رضي الله عنهم.
قال الميموني:( سمعت الإمام أحمد يقول: ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية ، وقال لي: يا أبا الحسن إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بسوء فاتهمه على الإسلام).
رواه ابن بطة في الشرح والإبانة (231) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2359)، وقال المزي في تهذيب الكمال(1/339): سُئل أبو عبدالرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة ، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام كمن نقر الباب يريد دخول الدار ، قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة.اهـ

ختاماً:
قال إبراهيم بن ميسرة: (ما رأيت عمر بن عبدالعزيز ضرب إنساناً قط إلا إنساناً شم معاوية فضربه أسواطاً)، رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2385).


الرد الرابع: إنكار المعتزلي عدنان إبراهيم نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان.


أنكر عدنان إبراهيم في تسجيل صوتي له نزول عيسى عليه السلام ، وقال إنه لا يؤمن بهذا ، وإن الإيمان به هو عقيدة اليهود والنصارى.

يجاب على قوله السيء بما يلي:

أولاً: أن عيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه الله حياً إليه إلى السماء.
قال تعالى: ( بل رفعه الله إليه)، وقال تعالى: ( وقولهم إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)، وقال تعالى: ( إذ قال الله يـٰعسى إني متوفيك ورافعك إلى)، والنوم يسمى وفاة ، قال تعالى: ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها)، وقال تعالى: (وهو الذي يتوفىـٰكم باليل ويعلم ما جرحتمـ بالنهار).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (2/419): وأجمعت الأمة على أن الله عزوجل رفع عيسى إليه إلى السماء.اهـ

ثانياً: تواتر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان ، حكماً عدلاً ويكسر الصليب ويقتل الدجال والخنزير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير) رواه البخاري (3448) ومسلم (155).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ...وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم وإنه نازل... ويلبث بالأرض أربعين سنة ثم يتوفى) رواه أحمد (2/406) والآجري في الشريعة (888) وصححه ابن حجر في الفتح (6/555) والألباني في الصحيحة (2182).

قال الحافظ ابن كثير في النهاية(1/142): ثم ينزل عيسى من السماء قبل يوم القيامة كما دلت عليه الأحاديث المتواترة.

قال المحدث العظيم آبادي في عون المعبود(11/457): تواتر الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء بجسده إلى الأرض عند قرب الساعة وهذا هو مذهب أهل السنة.اهـ

قال المحدث الألباني في في الطحاوية (501): اعلم أن أحاديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام متواتر.اهـ

وإنكار نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان تكذيب لخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، الذي أقسم عليه بقوله: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم)، وهذا الأفاك المعتزلي يكذب ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه ، قال تعالى عن نبيه عليه الصلاة والسلام(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى)، قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، وهذا وعيد شديد لمن يشاقق الرسول.

ثالثاً: أجمع أهل السنة والجماعة على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان.
قال الإمام أحمد كما في الطبقات (1/344): والدجال خارج في هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى بن مريم عليه السلام ويقتله بباب لد.اهـ
قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني في المجحة(2/463): وأهل السنة يؤمنون بنزول عيسى عليه السلام.اهـ

قال القاضي عياض في شرح مسلم(8/492): ونزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة لصحيح الآثار الواردة في ذلك ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه خلافاً لبعض المعتزلة والجهمية ومن رأى رأيهم في إنكار ذلك.اهـ

قال العلامة المناوي في فيض القدير(394): وأجمعوا على نزول عيسى عليه السلام نبياً لكنه بشريعة نبيناً محمد عليه الصلاة والسلام.اهـ

وإنكار نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان إنكار لإجماع الأمة على نزوله.
وهذا الأفاك المعتزلي ممن يرد إجماع هذه الأمة ولا يقبله.
قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، قال العلامة القرطبي في تفسيره(3/248): هذه الآية فيها دليل على صحة القول بالإجماع.اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره(533): والذي عول عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الآية الكريمة.اهـ

وأمة النبي عليه الصلاة والسلام لا تجتمع على ضلالة تشريفاً لهم.

قال كعب الأشعري أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول( إن الله قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة)، رواه ابن أبي عاصم في السنة (79) وحسنه بطرقه الألباني في الصحيحة (1331)، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (533): وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ ، وقد ذكرنا منها طرفاً صالحاً في كتاب(أحاديث الأصول) ومن العلماء من ادعى تواتر معناها.اهـ


الرد الخامس: على المعتزلي عدنان إبراهيم بقوله بأن أبا هريرة كان مولعاً برواية الاسرائليات.


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأن أبا هريرة كان مولعاً برواية الاسرائليات ، وكان كثيراً ما يحدث عن كعب الأحبار.

يجاب عن قوله بما يلي:
أولاً: هل قال أحد من أئمة الحديث المعتبرين بأن أبا هريرة رضي الله عنه كان مولعاً برواية الاسرائليات؟
الجواب: لم يقل أحد بهذا القول فيما أعلم ، وإنما هي فرية جاء بها أبو رية ومن هو على شاكلته من
من أهل الدجل والافتراء أهل الزيغ والأهواء ، للطعن في السنة النبوية ، وتبعهم على هذه الفرية عدنان إبراهيم.

وأما ما ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ(1/36): قال أبو داود الطيالسي أخبرنا عمران القطان عن بكر بن عبدالله عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقي كعباً فجعل يحدثه ويسأله ، فقال كعب:ما رأيت أحداً لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة.اهـ

- عمران القطان وهو ابن داور ، لين الحديث ، وله تفردات لا يتابع عليها.
وقد ذكره ابن عدي في الضعفاء (5/87)
وذكره العقيلي في الضعفاء (3/1014)
وقال الذهبي في الميزان (3/236): عمران القطان ضعفه النسائي وأبو داود وابن معين وقال أحمد:أرجو أن يكون صالح الحديث
وقال يزيد بن زريع:كان حرورياً يرى السيف.اهـ
وذكر ابن حجر في التهذيب (4/381)الخلاف فيه.

- فلا تصح هذه القصة ، وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها بأن أبا هريرة رضي الله عنه كان مولعاً برواية الاسرائليات ، وإنما هي في بيان معرفة أبي هريرة لما في التوراة ، لا إنه حدث عما في التوراة ، وفرق بين الرواية والعلم فتأمل.

ثانياً: أن الهدف من هذه الفرية التي جاء بها عدنان وغيره ، هي التشكيك في كل روايات أبي هريرة رضي الله عنه ، فأرادوا بفريتهم التشكيك في الحديث المرفوع الصريح ،
لكي يقال: هل هو قول النبي عليه الصلاة والسلام أم هو من الاسرائليات التي حدث بها أبو هريرة ولم يفصح.
وأرادوا أيضاً بهذه الفرية رد الحديث المرفوع حكماً بحجت أنه من الاسرائليات وليس له حكم الرفع.
هذا هو قصدهم من هذه الفرية ، أرادوا رد كل روايات أبي هريرة رضي الله عنه لأنه راوية الإسلام وأكثر الصحابة رضي الله عنهم رواية للحديث.
قال الذهبي في تذكرة الحفاظ(1/36): قال ابن عمر رضي الله عنهما لأبي هريرة رضي الله عنه :(يا أبا هريرة إنك كنت لألزمنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام وأعلمنا بحديثه).

ثالثاً: الكلام عن رواية أبي هريرة عن التابعي كعب الأحبار رحمه الله.
اعلم أن رواية الصحابة رضي الله عنهم عن التابعين نادرة جداً ، كما قال ذلك الذهبي في السير(3/490) ، وهي من رواية الأكابر عن الأصغار ، ولم يرو الصحابة عن التابعين مما قيل عنه إنه من الاسرائليات شيء في الحلال لا والحرام ولا العقائد ونحوها ، وإنما رووا بعض ما جاء عن بني إسرائيل مما لم يخالف شرعنا ، وإذا روى الصحابي عن تابعي فإنه يبين ذلك ولا ينسبه للنبي عليه الصلاة والسلام فقط ، ما لم يكن وهماً وقع لأحد رواة الحديث.

مثال ما وقع فيه وهم من أحد الرواة:
ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (1729)
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار عن عبدالله بن فروخ عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة)
قال أبوبكر ابن خزيمة: قد اختلفوا في هذه اللفظة في قوله(فيه خلق آدم) إلى قوله(وفيه تقوم الساعة) أهو عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أو عن أبي هريرة عن كعب الأحبار؟
والقلب إلى رواية من جعل هذا الكلام عن أبي هريرة عن كعب أميل ، لأن محمد بن المثنى حدثنا قال أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أسكن الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة)قال:قلت له:أشيء سمعته من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قال بل شيء حدثناه كعب.
وهكذا رواه أبان بن يزيد العطار وشيبان بن عبدالرحمن عن يحيى بن أبي كثير.
قال أبو بكر: وأما قوله(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) فهو عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام لاشك ولا مرية فيه ، والزيادة بعدها(فيه خلق آدم) إلى آخره ، هذا الذي اختلفوا فيه ، فقال بعضهم: عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال بعضهم: عن كعب.اهـ



الرد السادس: على المعتزلي عدنان إبراهيم في رده خبر الآحاد.


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بعدم العمل بخبر الآحاد لأن دلالته ظنية لا قطعية.
ويجاب عليه بما يلي:
أولاً: أن قوله هذا فيه مخالفة لقول الله تعالى
قال تعالى: ( وما ءاتىٰكم الرسول فخذوه وما نهىٰكم عنه فانتهوا) وهذا لفظ عام يشمل كل ما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام سواء كان متواتراً أو غير متواتر.

ثانياً: أن قوله هذا مخالف لقول النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)، رواه مسلم (1337) عن أبي هريرة.
وهذا لفظ عام يشمل كل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام سواء كان متواتراً أو غير متواتر.

ثالثاً: أن قوله هذا مخالف لإجماع أهل العلم.
فإن الذي عليه أهل العلم أن الحديث إذا صح فقد أفاد العلم والعمل ما لم يكن منسوخاً.
قال الإمام ابن عبدالبر المالكي في التمهيد(1/4): أجمع أهل العلم على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع وعلى هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع شذرمة لا تعد خلاف.اهـ

وقال الخطيب في الكفاية(31): وعلى العمل بخبر الواحد كان عامة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار ذلك.اهـ
وقال الإمام ابن القيم في مختصر الصواعق(1/332): ومعلوم ومشهور استدلال أهل السنة بأحاديث الآحاد فهذا إجماع منهم على قبول أحاديث الآحاد.اهـ
وقال الحافظ بدرالدين العيني الحنفي في نخب الأفكار (7/68): مذهب فقهاء الأمصار أن خبر الواحد تقوم به الحجة ويجب به العمل في أمور الدين.اهـ



الرد السابع: على المعتزلي عدنان إبراهيم في إنكاره أحاديث الدجال.


قال المعتزلي عدنان إبراهيم في مقطع صوتي له: بأن أحاديث الدجال مكذوبة وهي أقاويل اليهود موجودة في كتبهم.

يجاب عليه بما يلي:

أولاً: التعريف بالدجال:
الدجال من الدجل وهو التغطية وسمي الكذاب دجالاً لأنه يغطي الحق بباطله.
وسمي الدجال بالمسيح : لمسح إحدى عينيه.
كما جاء في صحيح مسلم(2933) عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً: (الدجال ممسوح العين مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرؤه كل مسلم)

والدجال رجل يدعي الربوبية ، ويعطيه الله تعالى من الآيات كما جاء في الأحاديث ما يكون سبباً للفتنة وما من نبي من الأنبياء إلا وحذر أمته من فتنة الدجال ، قال أنس رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام(ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب) رواه البخاري (7131) ومسلم (2933).

وخروجه من علامات الساعة الكبرى.
قال حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات...) وذكر (الدجال) رواه مسلم (2901).

ويمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً اليوم الأول بمقدار سنة والثاني بمقدار شهر والثالث بمقدار أسبوع وبقية الأيام كأيامنا.
قال النواس بن سمعان رضي الله عنه ذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام الدجال ذات غداة قال:(يخرج ما بين الشام والعراق فعاث يميناً وشمالاً )
قلنا:يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: (أربعين يوماً ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم)، رواه مسلم (2937) وأبوداود (4321) والترمذي (2390).

ثم ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء ويقتل الدجال بباب لد.
قال مجمِّع الأنصاري رضي الله عنه سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول(يقتل ابن مريم الدجال بباب لُد) رواه الترمذي (2394) وقال: حديث صحيح ؛ وفي الباب عن عمران بن حصين ونافع بن عتبة وأبي برزة وحذيفة بن أسيد وأبي هريرة وكيسان وعثمان بن أبي العاص وسمرة بن جندب والنواس بن سمعان وعمرو بن عوف وحذيفة بن اليمان.اهـ

ثانياً: تواتر أحاديث الدجال:

- قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث(3/411): ومن التواتر المعنوي أخبار الدجال.اهـ
- وقال العلامة الكتاني في نظم المتواتر(290): أحاديث خروج المسيح الدجال. ذكر غير واحد أنها واردة من طرق كثيرة صحيحة عن جماعة من الصحابة ، وفي التوضيح للشوكاني منها مائة حديث وهي في الصحاح والمعاجم والمسانيد ، والتواتر يحصل بدونها فكيف بمجموعها ، وقال بعضهم أحاديث الدجال تحتمل مجلدات وقد أفردها غير واحد من الأئمة بالتأليف.اهـ
- وقال المحدث الألباني في قصة الدجال(13): أحاديث الدجال متواترة.اهـ
- وجاء في فتاوى هيئة كبار العلماء(3/105): أحاديث ظهور الدجال صحيحة صريحة متواترة.اهـ


ثالثاً: إجماع أهل السنة والجماعة على الإيمان بخروج الدجال في آخر الزمان.

قال الإمام أحمد كما في الطبقات(1/344): والدجال خارج في هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام ويقتله بباب لد.اهـ

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة(184): والإيمان بالمسيح الدجال وبنزول عيسى ابن مريم ينزل فيقتل الدجال.اهـ

وقال الحافظ النووي في شرح مسلم(2932): قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من أحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له ، وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ، ويقتله عيسى عليه السلام
هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة.اهـ

ونقل العلامة حمود التويجري في إتحاف الجماعة (3/90): إجماع أهل السنة والجماعة على الإيمان بخروج الدجال.

رابعاً: من أنكر خروج الدجال:
لم ينكر خروج الدجال سوى طوائف من أهل البدع من المعتزلة والخوارج والفلاسفة وقالوا بأن أحاديث الدجال خيالات لا حقيقة لها ، وكذا قال الكذاب الدجال ميرزا غلام أحمد القادياني الهندي مدعي النبوة وأصحابه ، وتابعهم على هذه العقيدة الفاسدة عدنان إبراهيم المعتزلي فأنكر نزول عيسى عليه السلام وأنكر خروج الدجال.

وخالفوا بعقولهم الضالة المنحرفة ، ما تواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام وما أجمعت عليه الأئمة بخروج الدجال في آخر الزمان.
قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)
وهذه الآية في بيان خطر مخالفة ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام وخطر مخالفة إجماع الأمة.


الرد الثامن: على المعتزلي عدنان إبراهيم : في إنكاره النسخ في القرآن.



قال المعتزلي عدنان إبراهيم: النسخ لا يكون في القرآن.



يجاب عليه بما يلي:



أولاً: معنى النسخ:

النسخ لغة: الرفع والإزالة والنقل.

وشرعاً: هو رفع حكم شرعي متقدم بحكم شرعي متأخر.



ثانياً: الإجماع على وقوع النسخ:

أجمع أهل الإسلام على وقوع النسخ في القرآن والسنة.

قال تعالى( ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير)



قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه(ما ننسخ من ءاية) ما نبدل من آية.

وابن جريج عن مجاهد:( ما ننسخ من ءاية) أي: ما نمح من آية.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد(ما ننسخ من ءاية)قال: نثبت خطها ونبدل حكمها.حدّث به عن أصحاب عبدالله بن مسعود.

(ذكره ابن كثير في تفسيره-181)



قال الإمام الزركشي في البرهان(2/32): لا خلاف في جواز نسخ الكتاب بالكتاب.اهـ



قال العلامة المرداوي في التحرير(261): أهل الشرائع على جوازه عقلاً ووقوعه شرعاً وخالف أكثر اليهود في الجواز وأبو مسلم في الوقوع.اهـ



قال الحافظ السيوطي في الإتقان في علوم القرآن(2/89): النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير ، وقد أجمع المسلمون على جوازه ، وأنكره اليهود ظناً منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له. وهو باطل ؛ لأنه بيان مدة الحكم ، كالإحياء بعد الإماتة وعكسه ، والمرض بعد الصحة وعكسه ، والفقر بعد الغنى وعكسه ، وذلك لا يكون بداء ، فكذا الأمر والنهي.اهـ



ثالثاً: من أنكر النسخ:

لم ينكر النسخ سوى اليهود وتابعهم أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني المعتزلي وتابعه عدنان إبراهيم المعتزلي

وكلهم محجوج ، فاليهود محجوجون بما جاء في التوارة من النسخ والأصفهاني وعدنان محجوجون بالإجماع على جواز النسخ.



قال الإمام القرطبي في تفسيره(2/45): أنكرت طوائف من المنتمين للإسلام المتأخير جواز النسخ وهم محجوجون بإجماع السلف السابق على وقوعه في الشريعة ، وأنكرته أيضاً طوائف من اليهود وهم محجوجون بما جاء في توراتهم بزعمهم أن الله تعالى قال لنوح عليه السلام عند خروجه من السفينة: إني قد جعلت كل دابة مأكلاً لك ولذريتك وأطلقت ذلك لكم كنبات العشب ما خلا الدم فلا تأكلوه ، ثم قد حرّم على موسى عليه السلام وعلى بني إسرائيل كثيراً من الحيوانات ، وبما كان آدم عليه السلام يزوج الأخ من الأخت وقد حرم الله ذلك على موسى عليه السلام وعلى غيره ، وبأن إبراهيم الخليل عليه السلام أمر بذبح ابنه ثم قال له:لا تذبحه.اهـ



رابعاً: يكون النسخ إلى بدل ، وإلى غير بدل:

النسخ يكون إلى بدل ويكون إلى غير بدل.

-مثال النسخ إلى بدل:

نسخ استقبال بيت المقدس إلى مكة في الصلاة ، قال تعالى(قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضىـٰها فول وجهك شطر المسجد الحرامـ وحيث ما كنتمـ فولوا وجوهكم شطره)



-مثال النسخ إلى غير بدل:

نسخ تقديم الصدقة بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام لمن أراد أن يناجيه أي يحدثه سراً ، قال تعالى( يـٰأيها الذين ءامنوا إذا نـٰجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجوىـٰكم صدقة) نسخت بقوله تعالى( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجوىـٰكم صدقـٰت فإذ لمـ تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلوٰة وءاتوا الزكوٰة)



خامساً: أقسام النسخ في كتاب الله:

ينقسم النسخ في كتاب الله إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه.

مثاله ( إن يكن منكم عشرون صـٰبرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهمـ قوم لا يفقهون)

نسخها قوله تعالى( الئـٰن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين)

الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه.

مثاله: آية الرجم ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: ما أجد الرجم في كتاب الله ، وقد قرأتها : (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله) رواه ابن ماجه(2553) وصححه الألباني.

الثالث: ما نسخ لفظه وحكمه.

مثاله: قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن) رواه مسلم(1452)

 


الرد التاسع: على عدنان إبراهيم بقوله إن الصحيحين فيهما أحاديث ضعيفة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

قال عدنان إبراهيم :(بأن الصحيحين فيهما أحاديث ضعيفة وليس كل ما في الصحيحين صحيح).اهـ

من المعلوم أن أول من صنف في الصحيح المجرد هو الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري
وتبعه صاحبه وتلميذه مسلم بن الحسين النيسابوري.
قال العلامة شمس الدين التبريزي في فن أصول المصطلح(58): أول من صنف في الصحيح المجرد العاري عن الحسن والضعيف ، هو الإمام البخاري ثم الإمام مسلم.اهـ
وصحيح البخاري وصحيح مسلم ، أصح كتب الحديث على الاطلاق.
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(29):
وكتابهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز.اهـ

وقد أجمع أهل العلم على صحة كل ما في الصحيحين ، وقد نقل الإجماع غير واحد من الأئمة النقاد.

قال الحافظ الزركشي في النكت على المقدمة(59): وكتاباهما - أي كتاب البخاري ومسلم - أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز ، قال النووي: باتفاق العلماء.اهـ

وقال العلامة الزرقاني في شرح البيقونية(17):
اتفقوا على أن أصح الحديث ما اتفق على اخراجه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم.اهـ

وأجمع أهل العلم أيضاً على تلقي ما في الصحيحين بالقبول.
قال الحافظ ابن حجر في النزهة(86): اتفق العلماء على تلقي كتابيهما- أي كتاب البخاري وكتاب مسلم- بالقبول.اهـ

وقال أيضاً في هدي الساري(501): ادعى الإمام أبو عمرو بن الصلاح وغيره الاجماع على تلقي هذا الكتاب - أي صحيح البخاري - بالقبول والتسليم لجميع ما فيه.اهـ

وقال العلامة الصنعاني في إسبال المطر(65): اتفق العلماء بعدهما - أي بعد البخاري ومسلم - على تلقي كتابيهما بالقبول ، واختلاف بعضهم في أيهما أرجح ، فما اتفقا عليه أرجح من هذه الحيثية مما لم يتفقا عليه.اهـ


- وقال عدنان أيضاً : ( بأن بعض العلماء ضعفوا أحاديث في الصحيحين)

يجاب على قوله:

بأن ما أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحيه لا يخلو من حالتين:
أولاهما: ما أخرجاه في الشواهد والمتابعات أو ذكراه معلقاً ، فهذا ليس من شرط الصحيح عندهما ، وغالب الأحاديث التي انتقدت عليهما من هذا الصنف.

قال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي(141):
مسلم قد يروي عن الرجل في المتابعات ما لا يرويه فيما انفرد به، ولهذا كان كثير من أهل العلم يمتنعون أن يقولوا في مثل ذلك هو على شرط مسلم أو البخاري.اهـ

ثانيهما: ما أخرجاه في أصول الصحيحين.&l