قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

الخليل المؤمن يساعدك على طاعة الله، و يُحَفِّزُكَ على الخير، و يُحَذِّرُكَ من الشر

قال عز و جل: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.

ابحث عن الخليل المؤمن يساعدك على طاعة الله، و يُحَفِّزُكَ على الخير، و يُحَذِّرُكَ من الشر، و لا تنال منه إلا الخير؛ كما في المثل الذي ضربه عليه الصلاة و السلام: " إنما مثل الجليس الصالح و جليس السوء كحامل المسك و نَافِخِ الكِيرِ؛ فحامل المسك إما أن يُحْذِيَكَ، و إما أن تَبْتَاعُ منه، و إما أن تجد منه ريحا طيبة" يعني إما أن يعطيك هدية، و إما تشتري منه الطِّيب، و إمَّا أن تجد منه رائحة طيبة، فأنت في خير و في سلامة منه؛ هذا الرجل الصالح مثل حامل المسك، هذا حاله ما تجد منه إلا الخير، لا يضِيرك أبدا، تجد منه العلم و النصيحة، و التوجيه إلى  الخير، و التوجيه إلى البر و الإحسان، و أمرك بالمعروف، و نَهْيُكَ عن المنكر، لا تجد منه إلا ماينفعك.

لكن الشرير جليس السُّوء مثله كما قال صلى الله عليه و سلم:" و نَافِخ الكِيرِ إما أن يحرق ثيابك، و إما أن تجد منه ريحا خبيثة" لا بد من الأذى؛ إما أن يُوَرِّطَك في المشاكل و تغوص معه في الضلالات و البلايا و الشهوات و الفتن، و إمَّا أن تتغيَّرَ أخلاقك، فيصيبك شيء من شَرِّه، فهذا الحديث و الآية قبله تحثُّ المؤمن أن يبحث عن الأخذان و الأخلاَّء المخلصين الصادقين،الذين يتعاونون معه على البرِّ و التقوى، و لا يتعاونون معه على الإثم و العدوان، كما ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم في المثل الذي سقناه لكم، حال الرجل الصالح و حال الرجل السوء.

فهؤلاء الاخلاء حالهم يوم القيامة كما قال الله عز و جل:{ و يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني و كان الشيطان للإنسان خذولا} و العياذ بالله من هذه الحال، ما هناك إلا الحسرات! ما هناك إلا البراءة يومئذ بعضهم من بعض؛ كما قال الله تبارك و تعالى عن خليله ابراهيم عليه الصلاة و السلام منذرا قومه:{ و قال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض و يلعن بعضكم بعضا و مأواكم النار و ما لكم من ناصرين}، وقال عز و جل مخبرا عن أهل النار:{ و قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيل ربنا آتهم ضعفين من العذاب و العنهم لعنا كبيرا}.

 هؤلاء قرناء السواء، هذه عاقبة مصاحبة أهل الشر و أهل السوء و أهل الضلال و أهل البدع و أهل الكفر و الكبر و الطغيان؛ هذا مآلهم، و ذلك مآل الذين تحابوا في الله، و أنتم تعلمون قول الرسول صلى الله عليه و سلم:" سبعة يظلهم الله في ظله،يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، و شاب نشأ في عبادة الله، و رجل قلبه معلق في المساجد، و رجلان تحابا في الله: اجتمعا على ذلك، و تفرقا عليه...".

 التقوى و آثارها و أوصاف المتقين و جزاؤهم - الشيخ الربيع بن هادي المدخلي