قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

تقوى الله أمر عظيم...



التقوى بمعناها الشرعي و اللغوي:
 التقوى بالمعنى الشرعي: هي كلمة جامعة، تجمع كلَّ أصول الإسلام و فروعه؛ لأنها مثل الايمان و الاسلام و البر، و مثل هذه الألفاظ الجامعة الذي إذا اقترن بلفظ جامع فيدلُّ على معنى آخر، و إذا انفرد شمل معناه و معنى غيره؛ فهذا اللفظ العظيم معناه: القيام بكلِّ أوامر الله سبحانه و تعالى، و تصديق كلِّ أخبار الله سبحانه و تعالى، و اجتناب كلِّ مناهي الله عز و جل.
 و التقوى في اللغة هي: أن تجعل بينك و بين ما تخشاه و تحذره وقاية تقيك من أذاه و ضرره.
و تقوى الله تبارك و تعالى: أن تجعل ما بينك و بين ما يُسخطُه وقايةً، و لا يكون ذلك إلا بالإيمان الصادق و العمل الصالح؛ الإيمان الصادق و العمل الصالح هو الذي يقيك سخط الله، و يقيك غضبه، و يقيك عذابه يوم القيامة.
(......)
إن الله تبارك و تعالى وصف المتقين
فمن هم؟
ما هي العقائد و الأعمال التي يقومون بها و التي يتَّصفون بها فعلا حتى يصْدُقَ
عليهم أنهم متَّقُون مستحقون لما وعد الله به المتقين؟
فننظر مثل هذه الأوصاف، و من كان منَّا فيه تقصيرٌ أو خللٌ في بعضها؛ فليحاول قدر ما يستطيع أن يتحلَّى بهذه الأوصاف، حتى يكون من المتقين، مستحقاًّ لوعد الله عز و جل لهؤلاء المتقين.
قال الله تبارك و تعالى:{الٓم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يومنون بالغيب و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون و الذين يومنون بما انزل اليك و ما انزل من قبلك و بالآخرة هم يوقنون أولٰٓئك على هدى من ربهم و أولٰٓئك هم المفلحون}، فبيَّن الله أنَّ القرآن هذا الكتاب العظيم المهيمن على كلِّ الرسالات لا يهتدي به إلا المتقون،
 فننظر هل اهتدينا بهذا القرآن حقَّ الاهتداء حتى نكون من المتقين،
 في عقائدنا
في عباداتنا
في تصرفاتنا كلِّها
في مواقفنا
في ولائنا
في برائنا
في كل شؤون حياتنا؟
هل اهتدينا بهذا القرآن حقًّا؛ فنكون ممن يستحق هذه الشهادة من الله تبارك و تعالى لنا؟ قد يكون عندنا شيء من هذا بضعفٍ و ضعفٍ شديدٍ، فلنحاول أن نستكمل هذه الأوصاف، و أن نهتدي بكتاب الله؛ حتى نستحقَّ هذه الشهادة: أنَّنا على هدى، و أنَّنا مخلصون فعلا، و ننال الفلاح و الفوز بالمطلوب الأعظم، و هي الجنة، و مرضاة الله تبارك و تعالى و رضاه في الدنيا و الآخرة.

 



 المجموع الرائق من الوصايا و الزهديات و الرقائق - الشيخ الربيع بن هادي المدخلي