قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

مخالطة الناس و دعوتهم،و عدم الإنعزال عنهم

 

فإن الذي ينعزلُ عن الناس لا يستفيد، وأما الذي يُخالط الناس فهذا هو الذي يستفيد، ويجب أن تكون المُخالطة على وفق ما يُريدُهُ الله - تَبّارَكَ وتَعّالى- وسُنّهُ لنا رَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فلا تُخالط الناس وتُعامِلهم بما يُريدون، وإنما خالطهم وعامِلهم بما يُريدُهُ الله منك، وأمَرَك به، ويُرِيدهُ رَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمَركّ به، فإذا خالطتهم عرفتَ الشرّ وعرفتَ الخير، فتبتعدُ عن الشّرِ بجميعِ أنواعِهِ وأصنافهِ، وتأتي الخيّر بجميعِ أنواعِهِ وأصنافه، ومما يُذكر في الإسرائِيليات، وقد قال رَسُولُنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : "حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ" جاء عن عيسى بن مريم - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُروى ويُعزى إليه، أنهُ قيل له:" من أدّبك؟" قال:" لم يُؤدبني أحد، لكني رأيتُ جهل الجاهِل فرأيتُ الجهل شينٌ، فاجتنبتُهُ، " فهذا بسبب أيش؟ المُخالطة، فإذا خالطت الناس رأيت سَفهَ السّفيه، رأيت جهل الجاهِل، رأيت ظُلم الظالِم، وسمعت كلام الناسِ فيهم، أخذتَ نفسك بالبُعدِ عنه، وعلى العكس أيضًا سمعتَ كلام الناسِ في ثنائهم على الصالح وسمعتَ كلامهم في الإشادةِ بهِ وذكره، والدُعاءِ له، وإعلاءِ شأنهِ ومنزلتهِ، سعيتَ لأن تكون مثل هذا، فتأخذ نفسك بذلك.


منقول من:
 اللقاء الثامن والثلاثون من لقاءات طلبة العلم مع فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي والذي كان يوم الأحد 24 جمادى الأولى عام 1436هـ