قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

كذبة أبريل!!؟

 

«الدَّليل على تحريم [كذبة إبريل]»

 

سُئِلَ فضيلة الشَّيخ د. محمَّد بن هادي المدخلي -حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى-: السُّؤال: شيخنا! هذا سؤال من بريد موقع «ميراث الأنبياء»، يسأل عمَّا اشتهر هذه الأيَّام بــ(كذبة إبريل) حفظكم الله، لعلَّ لكم كلمة في هذا يا شيخ؟

فأجاب: "بسم الله الرَّحمـٰن الرَّحيم، الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:

فإنَّ الله سبحانه وتعالى قد أمر بالصِّدق في كتابه وأمر بلزوم أهله، فقال -جلَّ وعلا-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ ﴿التَّوبة: ١١٩﴾. والنَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نهى عن الكذب، وجعله من «الكبائر»، فقالَ -عليه الصَّلاة والسَّلام- ((إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا))، وإذا كان الأمر كذلك فالواجب على المسلم أنْ يتقيَ الله في نفسه ويلزم أمر ربه، ويطيع رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويحذر كل الحذر من الكذب، فإنَّ الكذب محرَّم بجميع أشكاله وألوانه، ويشتد ويزداد حرمة إذا كان لإضحاك الناس، وهذا الذي نعلمه عن هذا الأمر الذي سئل عنه واشتهر بين المسلمين وفي الآونة الأخيرة وللأسف إنما مصدره اليهود والنَّصارى وبلاد الغرب والشَّرق من هؤلاء جميعًا فإنَّهم يكذبون هذه الكذبة ليضحكوا بها أو ليذكروا بها ويشتهروا بها ويدونوا في عالم الشهرة.

أمَّا نحن معشر المسلمين فإنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالَ: ((ويل للرجل يكذب الكذبة ليضحك بها الناس ويل له ثم ويل له)). فالواجب علينا جميعًا أن نحذر هذا وهذا الباب الذي سئل عنه وهو باب كذبة إبريل محرمة من ناحيتين:

• النَّاحية الأولى: أنها كذب والله -سبحانه وتعالى- قد حرم الكذب وقد سمعنا جميعا قول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)) [رواه البخاري (6134) ومسلم (2607)]، فهذه ناحية.

• والنَّاحية الثَّانية: الَّتي تشتد بها وبسببها حرمة هذا الكذب إضافة إلى حرمته الأصلية وهي كون هذا الأمر تشبها بالكفار، فإن هؤلاء الكفار يكذبون ويفعلون ويفعلون وربما أتوا بالكذبة الكبيرة والطامة العظيمة الَّتي تذاع وتشاع خصوصًا في وسائل الإعلام اليوم فتشرق وتغرب ويحصل فيها الفزع الكثير ثمَّ بعد ذلك يتبين أنَّها لا أصل لها.

فهكذا إذا كذب المسلم كذبة يروع فيها أخاه المسلم ويستثير خوفه ويشتد بسبب ذلك ذعره وربما يصيبه بمرض حينما يقول له مثلا مات فلان ممن يعز كأب أو أخ أو ابن أو بنت أو يقول مثلًا سُرق بيتك أو احترق بيتك أو نحو ذلك من الأمور العظيمة ربما يختلط بسببها الإنسان يزول لبه وعقله، وربما مرض ففي ذمة من؟، هذا الَّذي يحصل إنما هو في ذمة هذا الكذاب. فهذه الكذبة من هذا الباب أيضًا أشد حرمة وذلك لما فيها من الشَّر العظيم ولما فيها من مشابهة الكفَّار في هذا الجانب.

فالواجب على المسلمين: أنْ يحذروا ذلك أشد الحذر، وأنْ لا يقتدوا بأعداء الله الكفرة. فإنَّ الله سبحانه وتعالى قد أمرهم بأن يكونوا مع الصَّادقين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ ﴿التَّوبة: ١١٩﴾، ويقول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((المُسلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لسَانِهِ وَيَدِه)).وإذا كان الإنسان يكذب الكذبة فيروع بها الناس هذا ما سلم المسلمون من لسانه.

أسأل الله أنْ يرزقنا جميعًا الفقه في الدِّين والبصيرة فيه، والاتباع لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، والحذر كل الحذر من مشابهة الكفرة من غربيين وشرقيين، واتباع سنن اليهود والنَّصارى، وهذا قد أخبر عنه النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فليس بمستغرب أن يقع في أمة الإسلام أنهم يقتدون باليهود والنَّصارى حذو القذة بالقذة، ويمشون ورائهم شبرًا بشبر وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلناه.

فأسأل الله أن يرزقنا جميعًا اتباع رسوله، والحذر ممَّا يسخط ربنا تبارك وتعالى، وذلك بالبعد عن مثل هذه الأشياء، والتشبه بأعداء الله الكقرة، ولزوم طريق الإسلام الصَّحيح ونهج صراط الله المستقيم، إنه جواد كريم. وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان.جزاكم الله خيرًا يا شيخ".اهـ.

([المصدر: موقع "ميراث الأنبياء"])