قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله
*لَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُها*
منهاج النبوة

ما هي أولويات الداعية ؟

السؤال:
السائل:الآن كداعية، أنا الآن أريد أن أدعو الناس، ما هي الأولويات الآن في العصر الحالي، ما هي الأولويات كداعية أن أدعو الناس؟

الجواب:
الشيخ: تدعو الناس إلى التوحيد ، تدعو الناس لفهم التوحيد أي لتعلم قوله تعالى:{ فاعلم أنه لا إله إلا الله }، يا ترى لأهمية هذه الكلمة أو لعدم أهميتها، يقول ربنا لنبيه: { فاعلم }؟! لأهميتها، أليس كذلك ؟!
وإذا كان هذا الخطاب يوجه إلى سيد العلماء، فكيف لا يوجه إلى نحن وأمثالنا ؟!، من باب أولى، وما رأيك هل هذا الخطاب الموجه من الله سبحانه وتعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، المسلمون اليوم هم يحققونه في أنفسهم ؟! أنا أقول آسفًا: لا، لكن قال تعالى: {سنشد عضدك بأخيك} فهل تقول أنت: بلى، أو تقول معي: لا ؟
السائل: والله أنا معك يا شيخ.
الشيخ: فإذًا بماذا تبدأ؟
السائل: بلا إله إلا الله.
الشيخ: بلا إله إلا الله، ومن لوازم هذه الكلمة أن تدعو الناس إلى اتباع الكتاب والسنة لأنهما المصدر الوحيد لسعادة الأمة، وأنهم إن جهلوا الكتاب والسنة ذلوا و إن علموا وعملوا أعزهم الله عز وجل، ونصرهم على عدوهم، وأنت ترى اليوم الذين يسمون بالدعاة قد صرفوا كل جهودهم عن { فاعلم أنه لا إله إلا الله } وهذا من الجهل بالإسلام بمكان خطير جدًا. لأنهم يتوهمون وكأنهم من عوام الناس، كل الناس يعرفون لا إله إلا الله، إي نعم، وأنا أشهد كل الناس يعرفون أن (يقولون) لا إله إلا الله لكن لا يفقهون معناها.
وحينئذ تظهر نتيجة خطيرة جدًا، وهي أن هؤلاء الذين يفترض فيهم أن يكونوا هداة للمسلمين، رضوا لهم بأن يسوهم بواقع أمرهم مع الكافرين الذين ينقذون أنفسهم من قتل الحاكم المسلم إياهم بأن يقولوا لا إله إلا الله، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا قالوها - وليس فقهوها ، وفهموا معناها - فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابهم عند الله "، فاليوم الدعاة الإسلاميين إلا القليل منهم رضوا لأمتهم ما يرضاه الإسلام للأمم الأخرى من الكفار، أنه فقط يقول لا إله إلا الله، لماذا ؟ حتى يعصموا دماءهم وأموالهم لكن هل هذا القول يدخلهم الجنة؟، ينقذهم من النار؟، قال: لا، إلا بحقها وحسابهم عند الله تبارك وتعالى.
إذًا، رضينا لأمتنا أن يظلوا يقولون لا إله إلا الله، وهم يقولون مع الأسف بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، لأن عظمة هذه الكلمة ما استقرت في قلوبهم، بدليل حياتهم التي يحيونها سواء ما كان منها متعلق بالعقيدة، مما يقع منهم من شركيات ووثنيات وعبادة لغير الله عز وجل، يسمونها هذه العبادة بغير اسمها، يسمونها توسلاً، يسمونها شفاعة، وهي ليست بهذا السبيل إطلاقًا بل هو الشرك بعينه. أو كان من الابتعاد عن التعامل بالإسلام الذي عرفوه فهم يرتكبون المحارم التي حرمها الله عز وجل فإذًا، إيمانهم بإن لا إله إلا الله حقًا ؟! فيه زغلٌ حتى بالنسبة إلى هؤلاء الذين نفترض فيهم أنهم فهموها، ليس فقط قالوها، ولكنهم ما جعلوها منهج حياتهم، ولذلك فالأصل أن يبدأ الداعية المسلم بما بدأت به الأنبياء والرسل كلهم { أن عبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } وعبادة الله حينما يريد الداعية أن يتولى شرحها وبيانها سيصطدم مع واقع مرير مع الأسف من نفس الشيوخ فضلاً عمن دونهم لأنهم ما فقهوا بعدُ شهادة لا إله إلا الله ." ا.هـ